من أنواع الصخور النارية اختار 3 اجابات من 4 جوفية بركانية

الصخور النارية: نظرة معمقة على أنواعها وتصنيفاتها

تُعد الصخور النارية حجر الزاوية في فهم تاريخ الأرض وتكوينها الجيولوجي. تنبع هذه الصخور من الصهارة المنصهرة، سواء كانت تحت سطح الأرض أو على سطحه، وتتصلب لتشكل أنواعًا مختلفة تتميز بخصائصها الفيزيائية والكيميائية الفريدة. إن دراسة الصخور النارية لا تقتصر على مجرد تصنيفها، بل تمتد لتكشف عن العمليات الديناميكية التي تشكل قشرة كوكبنا، وتؤثر على توزيع الموارد الطبيعية، وتشكل المناظر الطبيعية الخلابة التي نراها اليوم.

في رحلتنا لاستكشاف عالم الصخور النارية، سنركز على مجموعة مهمة منها، وهي الصخور النارية الجوفية، وسنستعرض ثلاثًا منها على وجه التحديد، مقارنةً بأربع فئات رئيسية للصخور النارية، وهي: الجوفية، والبركانية، والسطحية، والمتحولة. هذا التمييز بين الفئات يعتمد بشكل أساسي على مكان تكون الصخر الناري وسرعة تبرده.

فئات الصخور النارية الرئيسية: نظرة عامة

قبل الغوص في تفاصيل الصخور الجوفية، من الضروري فهم الفئات الأوسع للصخور النارية لتقدير موقع الصخور الجوفية ضمن هذا التصنيف.

1. الصخور النارية الجوفية (Intrusive Igneous Rocks):

تتشكل هذه الصخور عندما تتصلب الصهارة ببطء تحت سطح الأرض. هذه البيئة ذات الضغط والحرارة المرتفعين تسمح للبلورات بالنمو ببطء وتكون أحجام كبيرة، مما يؤدي إلى تكوين صخور ذات نسيج خشن الحبيبات.

2. الصخور النارية البركانية (Extrusive Igneous Rocks) أو السطحية:

على النقيض من الصخور الجوفية، تتشكل الصخور البركانية عندما تندفع الصهارة إلى سطح الأرض (كالحمم البركانية) ثم تتصلب بسرعة. التبريد السريع يمنع البلورات من النمو بشكل كبير، مما ينتج عنه صخور ذات نسيج دقيق الحبيبات، أو حتى زجاجية في بعض الحالات.

3. الصخور النارية المتحولة (Metamorphic Igneous Rocks):

هذه الفئة ليست فئة مستقلة للصخور النارية بالمعنى الدقيق للكلمة، بل هي صخور نارية موجودة تم تغييرها بفعل الحرارة والضغط الشديدين على مر الزمن. قد تتغير المعادن المكونة لها وتتكون معادن جديدة، أو قد تتغير أشكال البلورات. ومع ذلك، فإنها في الأصل كانت صخورًا نارية.

4. الصخور النارية المشوهة (Deformed Igneous Rocks):

وهي صخور نارية تعرضت لقوى تكتونية أدت إلى تشوهها وتغير شكلها. قد تتكسر الصخور أو تتلوى، لكن بنيتها المعدنية الأصلية قد تظل واضحة.

الصخور النارية الجوفية: عمالقة باطنية الأرض

الآن، لنتعمق في عالم الصخور النارية الجوفية، وهي الصخور التي تتصلب ببطء تحت سطح الأرض، مما يمنحها خصائص مميزة. سنستعرض ثلاثًا من أبرز هذه الأنواع:

1. الجرانيت (Granite):

يُعد الجرانيت أحد أكثر الصخور النارية الجوفية شيوعًا وانتشارًا. يتميز هذا الصخر بوجود بلورات واضحة وكبيرة من معادن مثل الكوارتز، والفلدسبارات (خاصة الأورثوكليز والأليجوكليز)، والميكا. غالبًا ما يكون الجرانيت ذو لون فاتح، يتراوح بين الوردي والأبيض والرمادي، وذلك يعتمد على نسبة الفلدسبارات.

* **التركيب المعدني:** يتكون الجرانيت بشكل أساسي من الكوارتز (20-60%) والفلدسبارات (أكثر من 35%، غالبًا الأورثوكليز)، بالإضافة إلى كميات أقل من الميكا (مثل البيوتايت والموسكوفيت) والهورنبلند.
* **النسيج:** يتميز الجرانيت بنسيج خشن الحبيبات (phaneritic)، حيث يمكن رؤية البلورات الفردية بالعين المجردة.
* **الاستخدامات:** نظرًا لقوته ومتانته وجمال مظهره، يستخدم الجرانيت على نطاق واسع في البناء، والنحت، وصناعة الأسطح، والأرضيات. كما أنه يشكل جزءًا كبيرًا من القشرة القارية للأرض.
* **التكوين:** يتكون الجرانيت من صهارة غنية بالسيليكا، والتي تبرد ببطء في أعماق القشرة الأرضية.

2. الديوريت (Diorite):

يقع الديوريت في منطقة وسيطة بين الجرانيت والجابرو من حيث التركيب المعدني. يتميز بوجود كميات متساوية تقريبًا من الفلدسبارات البلاجيوكليز (عادةً الأنديسين أو الأوليجوكليز) والمعادن الداكنة مثل الأمفيبول (الwał) والبيروكسين. غالبًا ما يكون لون الديوريت رماديًا متوسطًا أو مخططًا باللونين الأبيض والأسود.

* **التركيب المعدني:** يتكون الديوريت بشكل رئيسي من الفلدسبارات البلاجيوكليز (50-75%)، مع كميات متوازنة من معادن داكنة مثل الأمفيبول والبيروكسين. قد يحتوي على كميات قليلة من الكوارتز.
* **النسيج:** مثل الجرانيت، يتميز الديوريت بنسيج خشن الحبيبات (phaneritic)، مما يدل على تبرده البطيء تحت السطح.
* **الاستخدامات:** يستخدم الديوريت في بعض تطبيقات البناء والتشييد، ولكنه أقل شيوعًا من الجرانيت. غالبًا ما يُستخدم في المنحوتات والأعمال الزخرفية.
* **التكوين:** يتكون الديوريت من صهارة ذات تركيب متوسط، غالبًا ما يرتبط بتصادم الصفائح التكتونية.

3. الجابرو (Gabbro):

يُعد الجابرو الصخر الناري الجوفي المكافئ لصخر البازلت السطحي. وهو صخر داكن اللون، كثيف، ويتكون بشكل أساسي من معادن غنية بالحديد والمغنيسيوم مثل البيروكسين والأوليفين، بالإضافة إلى الفلدسبارات البلاجيوكليز الغنية بالكالسيوم.

* **التركيب المعدني:** يتكون الجابرو بشكل كبير من البيروكسين (30-60%) والفلدسبارات البلاجيوكليز الغنية بالكالسيوم (20-50%)، وقد يحتوي على الأوليفين.
* **النسيج:** يتميز الجابرو بنسيج خشن الحبيبات (phaneritic)، مما يعكس عملية التبريد البطيئة في الأعماق.
* **الاستخدامات:** يستخدم الجابرو في أعمال الرصف، وصناعة الخرسانة، وفي بعض الأحيان في الإنشاءات. كما أنه يشكل جزءًا هامًا من قاع المحيطات.
* **التكوين:** يتكون الجابرو من صهارة فقيرة بالسيليكا وغنية بالحديد والمغنيسيوم، وغالبًا ما يوجد في أعماق القشرة المحيطية أو في قواعد الطبقات الصخرية القارية السميكة.

أهمية التمييز بين الأنواع

إن فهم الفروقات الدقيقة بين الصخور النارية الجوفية والبركانية، وحتى بين أنواع الصخور الجوفية نفسها، له أهمية بالغة في مجالات متعددة. فمثلاً، يمكن لتركيب الصخور النارية أن يكشف عن ظروف الضغط والحرارة التي تشكلت فيها، مما يساعد الجيولوجيين على إعادة بناء تاريخ الأرض. كما أن توزيع هذه الصخور يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود المعادن الثمينة، مثل الذهب والفضة والنحاس، حيث غالبًا ما تتواجد هذه المعادن في أو بالقرب من التكوينات الصخرية النارية. علاوة على ذلك، فإن فهم سلوك هذه الصخور تحت تأثير القوى الطبيعية يساهم في تقييم المخاطر الجيولوجية مثل الزلازل والانفجارات البركانية.