كم عدد ابناء الرسول من خديجة

كتبت بواسطة احمد
نشرت بتاريخ : الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 1:24 مساءً

نور النبوة في بيت خديجة: أبناء وبنات الرسول صلى الله عليه وسلم

تُعدّ سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كنزاً معرفياً لا ينضب، ينهل منه المسلمون في كل عصر وزمان. ومن بين جوانب هذه السيرة العطرة، يبرز الجانب الإنساني والعائلي، الذي يكشف عن جانب حميم من حياة الرسول الكريم، خاصة علاقته بزوجه الأولى وأم أبنائه، السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. لقد كانت خديجة، بحكمتها وعاطفتها ودعمها المطلق، شريكة درب النبي في أصعب مراحله، وشهدت بيتها ميلاد الأجيال التي حملت نور الإسلام.

ذرية مباركة من أم مؤمنة

لقد أكرم الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بذرية مباركة من السيدة خديجة بنت خويلد، رزقوه بها قبل الهجرة وبعد البعثة. وقد اجتمعت هذه الذرية في بيت واحد، نسجت خيوطه المحبة والرحمة والإيمان. وبالمقارنة مع ما قد يعرفه البعض، فإن العدد الإجمالي لأبناء الرسول من خديجة هو ستة، ثلاث ذكور وثلاث إناث. هذه العائلة الصغيرة كانت نواة لمجتمع إسلامي متنامٍ، تحمل كل فرد فيها بصمة من بصمات الرسالة الخالدة.

الأبناء الذكور: قاسم وعبد الله وإبراهيم

كان للرسول صلى الله عليه وسلم من الذكور من السيدة خديجة اثنان، وكانا قد توفيا في سن مبكرة.

القاسم: أولى ثمرات الحب

كان القاسم هو الابن الأكبر للنبي صلى الله عليه وسلم وخديجة رضي الله عنها، وقد سمي بهذا الاسم تيمناً بـ “القاسم” الذي يقسم الأرزاق. ولد القاسم قبل البعثة النبوية، وكان بمثابة أولى ثمرات الحب بين أبويه. عاش القاسم أيام طفولته الأولى، وشهد جزءاً من حياة والده قبل النبوة، لكنه لم يعش طويلاً، وتوفي في مكة المكرمة قبل أن يبلغ سن الرشد. رحيله المبكر كان بلا شك مصدر حزن كبير للنبي وخديجة، إلا أن إيمانهما بقضاء الله وقدره كان بلسم الجراح.

عبد الله: طيب الذكر

أما الابن الثاني، فهو عبد الله، والذي كان يُعرف أيضاً بـ “الطيب” و”الطاهر” نظراً لجمال خلقه وطيب سيره. ولد عبد الله أيضاً في مكة قبل البعثة، وشهد بعضاً من بدايات دعوة والده. وقد توفي عبد الله في طفولته، دون أن يبلغ سن التكليف. ورغم قصر عمره، إلا أن اسم عبد الله قد حمل معاني سامية، وارتبط بذكرى طيبة في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم.

إبراهيم: هدية السماء في المدينة

أما الابن الثالث، إبراهيم، فقد كان مولده في المدينة المنورة بعد الهجرة، وكان هدية من الله تعالى في وقت عصيب. كان إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من جاريته مارية القبطية، وليس من السيدة خديجة رضي الله عنها. لكن، ولأهمية هذا الابن الذي كان مصدر فرحة للنبي، ولتجنب أي لبس، نوضح هنا أن إبراهيم لم يكن من نسل خديجة. وعلى الرغم من فرحة النبي به، إلا أن إبراهيم قد توفي أيضاً في سن الرضاعة، مما شكل ألماً جديداً للنبي.

البنات: زهرات بيت النبوة

كانت للسيدة خديجة من البنات مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع بنات، منهن من بلغت سن الرشد وساهمت في نشر رسالة الإسلام، ومنهن من توفيت في سن مبكرة.

زينب: الرائدة في الإيمان

تُعدّ زينب الكبرى، ابنة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى من السيدة خديجة، من أوائل من اعتنق الإسلام. كانت زينب متزوجة قبل البعثة من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع. وبعد ظهور الإسلام، آمنت زينب بدعوة أبيها، وثبتت على دينها رغم الضغوط والمحن التي تعرضت لها. واجهت زينب فراقاً مؤلماً عن زوجها بسبب اختلاف الدين، لكنها ظلت صابرة ومحتسبة. عاشت زينب في مكة، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة بعد معاناتها الشديدة، ولها قصة مؤثرة في هجرتها.

رقية: نجمة في سماء الصحابة

أما رقية، فكانت الابنة الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم من خديجة. تزوجت رقية من عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان أول زوج لها هو عتبة بن أبي لهب. وبعد أن أسلمت رقية، أُمرت بتطليق عتبة، ثم تزوجت من الصحابي الجليل عثمان بن عفان. اشتهرت رقية بجمالها وخلقها الرفيع، وشاركت زوجها الهجرتين إلى الحبشة. ولدت رقية ولداً من عثمان اسمه عبد الله، لكنه توفي صغيراً. مرضت رقية مرضاً شديداً في المدينة، وتوفيت في العام الثاني للهجرة، في نفس اليوم الذي انتصر فيه المسلمون في غزوة بدر.

أم كلثوم: الصابرة المحتسبة

أم كلثوم هي الابنة الثالثة للنبي صلى الله عليه وسلم من خديجة. تزوجت في البداية من عتيبة بن أبي لهب، ثم بعد إسلامها وإسلام زوجها، أمرها النبي بتطليق عتيبة. وبعد وفاة أختها رقية، تزوجت من عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأنجبت له ولداً اسمه زيد، وتوفي صغيراً. كانت أم كلثوم امرأة صالحة، اتصفت بالحياء والصبر، وعاشت مع زوجها عثمان حياة كريمة. توفيت أم كلثوم في شعبان من العام التاسع للهجرة، ولم تترك عقبًا.

فاطمة الزهراء: سيدة نساء العالمين

تُعدّ فاطمة الزهراء، أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة، أشهر بناته وأكملهن. ولدت فاطمة قبل البعثة بسنوات قليلة، وشهدت مع والديها كل مراحل الدعوة. اتصفت فاطمة بالزهد والتقوى والعلم، وكانت أقرب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم. تزوجت فاطمة من ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنجبت له الحسن والحسين، سيدا شباب أهل الجنة، بالإضافة إلى زينب وأم كلثوم. كانت فاطمة مثالاً للأم والزوجة الصالحة، وظلت وفية لدينها ووالدها حتى وفاتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر.

رسالة من الماضي إلى الحاضر

إن استعراض أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة، بكل ما حملته حياتهم من أفراح وأحزان، انتصارات وابتلاءات، يقدم لنا دروساً قيمة. فهو يذكرنا بأن الأنبياء بشر، لهم عائلاتهم وأحباؤهم، وأن الحب العائلي والإيمان الراسخ هما أساس بناء مجتمع قوي. كما أن صبر السيدة خديجة ودعمها المطلق لزوجها، ودور بناته في نشر رسالة الإسلام، يمثلان نماذج يحتذى بها في الإخلاص والتضحية والثبات على المبدأ.

اترك التعليق