قصة و عبرة للاطفال

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 12:32 مساءً

القنفذ الصغير والدرس الكبير

في غابة خضراء وادعة، حيث تتراقص أشعة الشمس بين أغصان الأشجار العالية وتفوح رائحة الأرض الرطبة، عاش قنفذ صغير اسمه “فلفل”. كان فلفل قنفذًا لطيفًا، لكنه كان يمتلك صفة واحدة تزعجه وتثير قلقه دائمًا: شوكُه. لم يكن فلفل يحب شوكه على الإطلاق. كان يرى فيه حاجزًا يمنعه من الاستمتاع بلعبٍ قريب مع أصدقائه من الأرانب والسناجب، وكان يشعر بالحرج كلما اقترب منه أحدٌ بالخطأ فارتطم بشوكه اللطيف.

كانت الأرانب، بخفتها ورشاقتها، تقفز وتلعب بحرية، أما السناجب، فكانت تتسلق الأشجار برشاقة لا مثيل لها. فلفل كان يراقبهم من بعيد، يتمنى لو كان قادرًا على الانضمام إليهم دون أن يتسبب في أي أذى. كان يحاول أن يكون حذرًا للغاية، لكن أحيانًا، عندما كان يشعر بالحماس أو الخوف، كان شوكه ينتصب بشكل لا إرادي، فيبتعد عنه أصدقاؤه وهم يشعرون ببعض الألم. “عذرًا يا فلفل!” كانوا يقولون، وكان فلفل يبتسم ابتسامة باهتة، يشعر بالوحدة والفارق الكبير بينه وبينهم.

الحلم بالنعومة

كان فلفل يحلم في لياليه بأنه قنفذ ناعم، بلا شوك. كان يتخيل نفسه يتدحرج مع الأرانب، ويحتضن السناجب، ويشاركهم كل ألعابهم دون خوف أو قلق. كان هذا الحلم يراوده كثيرًا، لدرجة أنه بدأ يبحث عن حل. سأل والدته الحكيمة ذات الشعر الأبيض، “أمي، هل هناك طريقة لأتخلص من شوكي؟ أريد أن أكون ناعمًا مثل الأرانب.”

نظرت الأم القنفذة إلى ابنها بعينين مليئتين بالحنان والحكمة، وقالت بصوت هادئ: “يا فلفل يا صغيري، شوكك ليس شيئًا يجب أن تتخلص منه. إنه جزء منك، وهو يمنحك القوة والحماية.”

لكن فلفل لم يقتنع. كان يرى أن الشوك هو مصدر مشاكله. في أحد الأيام، وبينما كان يتجول قرب النهر، رأى ثعلبًا شريرًا يتسلل نحو قطيع من الأرانب الصغيرة. شعر فلفل بالخوف على أصدقائه. في تلك اللحظة، وبدون تفكير، تدحرج فلفل بسرعة وتحول إلى كرة شوكية صغيرة. عندما حاول الثعلب الاقتراب، اصطدم بشوك فلفل الحاد، فتراجع الثعلب وهو يتأوه من الألم. لم يستطع الثعلب الاقتراب أكثر، وهرب مذعورًا.

اللحظة الحاسمة

ركضت الأرانب نحو فلفل، وهم يلهثون من الخوف والامتنان. قال أحد الأرانب الشجعان، “لقد أنقذتنا يا فلفل! شوكك هذا هو ما حمى أمهاتنا وأخوتنا الصغار.”

نظرت الأرانب إلى فلفل بعيون تقدير واحترام، لم تعد ترى فيه شوكًا مزعجًا، بل رأت فيه بطلاً. ابتسم فلفل ابتسامة واسعة، لأول مرة يشعر بالفخر بشوكه. أدرك أن ما كان يعتبره عيبًا، هو في الحقيقة قوة عظيمة.

درس القنفذ الصغير

في طريق عودته إلى المنزل، كان فلفل يفكر في كل ما حدث. لقد أدرك أن لكل مخلوق في هذه الغابة دورًا مهمًا، وأن كل صفة، حتى لو بدت غير مرغوبة في البداية، يمكن أن تتحول إلى نعمة. الشوك الذي كان يكرهه، هو الذي أنقذ أصدقاءه.

منذ ذلك اليوم، تغيرت نظرة فلفل إلى نفسه وإلى العالم. لم يعد يشعر بالحرج من شوكه، بل أصبح يستخدمه بحذر وحكمة. كان يلعب مع أصدقائه، لكنه كان دائمًا يحرص على أن يكون قريبًا بما يكفي ليحميهم إذا احتاج الأمر، دون أن يؤذيهم. الأرانب والسناجب بدورهم، تعلموا كيف يتعاملون مع فلفل، وكيف يقدرون شجاعته وحمايته.

تعلم فلفل، وتعلمت معه الغابة بأكملها، أن الاختلاف ليس ضعفًا، بل هو قوة. وأن كل واحد منا لديه صفات فريدة تميزه، وهذه الصفات يمكن أن تكون مصدرًا للعطاء والحماية، إذا آمنا بها واستخدمناها بحكمة.

اترك التعليق