سلبيات وسائل اضرار مواقع التواصل الاجتماعي على الاطفال

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الجمعة 7 نوفمبر 2025 - 6:40 مساءً

تداعيات العصر الرقمي: مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على نمو الأطفال

في عالم تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وتمتد تأثيراتها لتشمل كافة الفئات العمرية، وربما يكون الأطفال هم الأكثر عرضة لآثارها المتنوعة. وبينما تقدم هذه المنصات فرصًا للتواصل والتعلم والترفيه، فإنها تحمل في طياتها عددًا من المخاطر والسلبيات التي قد تؤثر بشكل عميق على نموهم النفسي والاجتماعي والسلوكي. إن فهم هذه التداعيات ومعالجتها يمثل تحديًا كبيرًا للأهل والمربين والمجتمع ككل.

تأثيرات على الصحة النفسية والعاطفية

تُعد الصحة النفسية والعاطفية للأطفال حجر الزاوية في بناء شخصية سليمة وقادرة على مواجهة تحديات الحياة. وفي هذا السياق، يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تلعب دورًا سلبيًا من خلال عدة جوانب.

مقارنات اجتماعية مرهقة وزيادة الشعور بالنقص

تُقدم منصات التواصل الاجتماعي غالبًا صورة مثالية وغير واقعية لحياة الآخرين، حيث يميل المستخدمون إلى عرض أفضل جوانب حياتهم فقط. يتعرض الأطفال لهذه الصور بشكل مستمر، مما يدفعهم إلى عقد مقارنات غير صحية بين حياتهم وحياة أقرانهم أو المشاهير. هذا قد يؤدي إلى شعور متزايد بالنقص، وعدم الرضا عن الذات، وتدني تقدير الذات، خاصة إذا كانوا يفتقرون إلى الثقة بالنفس. يتساءل الطفل لماذا لا تبدو حياته بنفس الروعة، أو لماذا لا يمتلك نفس الممتلكات التي يراها، مما يولد لديه شعورًا دائمًا بالقصور.

القلق الاجتماعي والخوف من فوات الشيء (FOMO)

ينبع الخوف من فوات الشيء (Fear Of Missing Out – FOMO) من الشعور بأن الآخرين يستمتعون بتجارب رائعة بينما أنت مستبعد منها. في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، يتجسد هذا الخوف في رؤية الأصدقاء وهم يشاركون صورًا من تجمعات أو فعاليات لم يتم دعوتهم إليها، أو يكتشفون أخبارًا أو اتجاهات جديدة لم يواكبونها. هذا الشعور المستمر بالقلق قد يدفع الأطفال إلى قضاء وقت أطول على هذه المنصات، خوفًا من أن يفوتهم أي شيء، مما يؤدي إلى إدمان رقمي وزيادة القلق الاجتماعي.

التنمر الإلكتروني وآثاره المدمرة

يُعد التنمر الإلكتروني أحد أخطر الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال. يمكن أن يتخذ التنمر أشكالًا متعددة، بدءًا من التعليقات المسيئة والتهديدات، وصولًا إلى نشر الشائعات والأكاذيب وصور محرجة. على عكس التنمر التقليدي، الذي قد يكون له مكان وزمان محددين، فإن التنمر الإلكتروني يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان، ويصل إلى الطفل في عقر داره. الآثار النفسية للتنمر الإلكتروني قد تكون مدمرة، وتشمل الاكتئاب، القلق الشديد، العزلة الاجتماعية، الأفكار الانتحارية، وفي بعض الحالات المأساوية، قد يؤدي إلى نتائج وخيمة.

التأثيرات على التطور الاجتماعي والسلوكي

لا تقتصر مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية فحسب، بل تمتد لتشمل التطور الاجتماعي والسلوكي للأطفال.

ضعف مهارات التواصل الواقعي والعزلة الاجتماعية

في حين أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح التواصل مع الآخرين، إلا أنها قد تؤدي إلى إضعاف مهارات التواصل الواقعي. يفضل الأطفال أحيانًا التفاعل عبر الرسائل النصية أو التعليقات بدلًا من المحادثات المباشرة، مما يقلل من قدرتهم على فهم لغة الجسد، تعابير الوجه، ونبرة الصوت. هذا النقص في التفاعل الواقعي قد يؤدي إلى شعور بالعزلة الاجتماعية، حتى لو كانوا محاطين بعدد كبير من “الأصدقاء” الافتراضيين. يصبحون أقل قدرة على بناء علاقات عميقة وصادقة تتجاوز حدود العالم الرقمي.

التعرض لمحتوى غير لائق ومخاطر الأمان

تُعد سهولة الوصول إلى المحتوى على الإنترنت أحد التحديات الكبرى. قد يتعرض الأطفال لمحتوى غير لائق لأعمارهم، بما في ذلك العنف، المواد الإباحية، أو الخطابات المتطرفة. قد لا يمتلك الأطفال القدرة على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خاطئ، أو قد لا يفهمون الآثار السلبية لهذا المحتوى على تفكيرهم وسلوكهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر تتعلق بالخصوصية والأمان، حيث قد يقع الأطفال فريسة للمتحرشين عبر الإنترنت أو يتعرضون لعمليات الاحتيال وجمع البيانات الشخصية.

تأثيرات على التركيز والانتباه والإدمان الرقمي

تُصمم معظم منصات التواصل الاجتماعي لجذب انتباه المستخدمين لأطول فترة ممكنة، من خلال الإشعارات المستمرة، التحديثات اللانهائية، والمحتوى المتنوع. هذا قد يؤثر سلبًا على قدرة الأطفال على التركيز والانتباه في مهام أخرى، مثل الدراسة أو القراءة. يبدأون في الشعور بالملل بسرعة عندما لا يحصلون على نفس المستوى من التحفيز الذي توفره هذه المنصات. هذا الانجذاب المستمر قد يتطور إلى إدمان رقمي، حيث يقضي الأطفال ساعات طويلة على هذه المواقع، مهملين واجباتهم المدرسية، هواياتهم، وحتى وقت عائلتهم.

تغيير المفاهيم حول الهوية والواقع

قد تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على كيفية بناء الأطفال لهوياتهم. قد يميلون إلى تقليد الشخصيات المشهورة أو المؤثرين، ومحاولة تشكيل هوياتهم بناءً على ما يرونه على الإنترنت، بدلًا من اكتشاف ذواتهم الحقيقية. كما أن التمييز بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي قد يصبح ضبابيًا بالنسبة لهم، مما يؤثر على فهمهم للقيم والمعايير الاجتماعية.

دور الأهل والمجتمع في مواجهة هذه التحديات

لمواجهة هذه السلبيات، يقع على عاتق الأهل والمجتمع مسؤولية كبيرة. يجب على الأهل أن يكونوا واعين بالمخاطر، وأن يضعوا قواعد واضحة لاستخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي، وأن يتابعوا ما ينشره أطفالهم وما يتفاعلون معه. كما يجب تشجيع الحوار المفتوح مع الأطفال حول تجاربهم على الإنترنت، وتزويدهم بالمعلومات اللازمة لحماية أنفسهم. على صعيد أوسع، يتطلب الأمر حملات توعية مجتمعية، ووضع تشريعات تحمي الأطفال من المحتوى الضار، وتعزيز دور المدارس في تثقيف الطلاب حول الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا. إن بناء جيل واعٍ وقادر على الاستفادة من التكنولوجيا دون الوقوع في فخاخها هو هدف مشترك يتطلب تضافر الجهود.

اترك التعليق