ايش الفرق بين البرق والرعد

كتبت بواسطة ياسر
نشرت بتاريخ : الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 12:21 مساءً

البرق والرعد: ظاهرتان متلازمتان، ولكن مختلفتان جذريًا

في كثير من الأحيان، نربط بين البرق والرعد كحدث واحد لا ينفصل، فهو يسبق الآخر بلمح البصر، ويشكلان معاً واحداً من أقوى مظاهر الطبيعة وأكثرها إثارة للإعجاب. لكن الحقيقة العلمية تكشف أن هاتين الظاهرتين، رغم ارتباطهما الوثيق، هما نتاج عمليتين مختلفتين تماماً، ولكل منهما آلية نشأتها وتأثيرها. فهم الفرق بينهما يفتح لنا نافذة أعمق على فهمنا للعواصف الرعدية وقوانين الفيزياء التي تحكم عالمنا.

البرق: الشرارة الكهربائية العملاقة

البرق هو ببساطة تفريغ هائل للطاقة الكهربائية، يحدث عادة بين السحب العاصفة، أو بين السحابة والأرض، أو حتى داخل سحابة واحدة. تخيل أن لديك بطارية عملاقة، وهي السحابة، تحمل شحنات كهربائية متضاربة. داخل السحب الرعدية، تتصادم جزيئات الماء والجليد والهواء باستمرار، مما يؤدي إلى فصل الشحنات. تتراكم الشحنات السالبة في الجزء السفلي من السحابة، بينما تتجمع الشحنات الموجبة في الجزء العلوي. عندما يصبح فرق الجهد بين هذه الشحنات كبيراً بما يكفي، يتجاوز قدرة الهواء على العزل، يحدث التفريغ الكهربائي الذي نراه على شكل برق.

أنواع البرق

لا يقتصر البرق على نوع واحد، بل تتعدد أشكاله وأنواعه. يمكن تقسيم البرق بشكل عام إلى:

* **برق السحب (Intracloud lightning):** وهو الأكثر شيوعاً، حيث يحدث التفريغ الكهربائي داخل السحابة نفسها، بين المناطق ذات الشحنات المختلفة. ما نراه هنا هو وميض يتخلل السحابة، وقد يبدو كضوء منتشر.
* **برق بين السحب (Cloud-to-cloud lightning):** يحدث هذا النوع عندما ينتقل التفريغ الكهربائي من سحابة إلى سحابة أخرى. غالباً ما يكون أقل سطوعاً من البرق الذي يضرب الأرض.
* **برق السحابة إلى الأرض (Cloud-to-ground lightning):** وهو النوع الأكثر خطورة والأكثر إثارة للرهبة. تحدث هذه الظاهرة عندما تنتقل الشحنات السالبة من قاعدة السحابة إلى الأرض، التي تكون موجبة الشحنة بطبيعتها. قبل حدوث التفريغ الرئيسي، تنزل “موصلات” سالبة من السحابة، وفي نفس الوقت، تتكون “موصلات” موجبة من الأرض نحو الأعلى. عندما تلتقي هذه الموصلات، يحدث التفريغ الرئيسي المضيء والسريع الذي نراه.

سرعة البرق وأثره

البرق هو ظاهرة تتم بسرعة الضوء، أو قريبة منها جداً، مما يفسر كيف نراه فور حدوثه. تبلغ سرعة الضوء حوالي 300,000 كيلومتر في الثانية. هذا التفريغ الكهربائي الهائل يسخن الهواء المحيط به إلى درجات حرارة شديدة الارتفاع، تصل إلى 30,000 درجة مئوية، وهي أشد حرارة من سطح الشمس. هذا التسخين السريع والمفاجئ للهواء هو ما يولد موجة الصدمة الصوتية التي نسمعها لاحقاً.

الرعد: صدى الموجة الصوتية للبرق

إذا كان البرق هو الشرارة الكهربائية، فالرعد هو الصوت الناتج عن هذه الشرارة. كما ذكرنا، عندما يمر البرق عبر الهواء، فإنه يسخنه بشكل هائل وفوري. هذا التسخين السريع يؤدي إلى تمدد الهواء المحيط بالبرق بشكل انفجاري، مما يخلق موجة صدمة تنتشر في جميع الاتجاهات. هذه الموجة الصوتية هي ما نسميه الرعد.

لماذا نسمع الرعد بعد رؤية البرق؟

الفرق الزمني بين رؤية البرق وسماع الرعد يعود إلى اختلاف سرعة الضوء وسرعة الصوت. الضوء، كما هو الحال في البرق، ينتقل بسرعة فائقة، مما يجعلنا نراه تقريباً فور حدوثه. أما الصوت، فينتقل بسرعة أبطأ بكثير. في الظروف القياسية، تبلغ سرعة الصوت حوالي 343 متراً في الثانية (أو حوالي 1235 كيلومتراً في الساعة). كلما زادت المسافة بينك وبين مكان حدوث البرق، زاد الفارق الزمني بين رؤية الوميض وسماع الدوي. يمكن استخدام هذا الفارق الزمني لتقدير المسافة التي تفصلك عن العاصفة. قاعدة تقريبية هي تقسيم عدد الثواني بين رؤية البرق وسماع الرعد على 3 للحصول على المسافة بالكيلومترات.

تنوع صوت الرعد

قد لا يكون صوت الرعد دائماً متشابهاً. فقد نسمعه كفرقعة مدوية، أو كدوي طويل وممتد، أو حتى كهمهمة خفيفة. يرجع هذا التنوع إلى عدة عوامل، منها:

* **طبيعة التفريغ الكهربائي:** قد تكون ضربات البرق القصيرة والمباشرة أكثر انفجارية.
* **المسافة:** كلما ابتعدت عن مصدر الرعد، يميل الصوت إلى أن يصبح أقل حدة وأكثر استطالة، حيث تتداخل الموجات الصوتية وتتشتت.
* **التضاريس والبيئة المحيطة:** وجود المباني، الأشجار، أو الجبال يمكن أن يعكس أو يشتت الموجات الصوتية، مما يؤثر على كيفية سماعنا للرعد.
* **نوع البرق:** كما ذكرنا، البرق داخل السحب قد ينتج عنه صوت أضعف وأكثر انتشاراً مقارنة بالبرق الذي يضرب الأرض.

الخلاصة: علاقة السبب والنتيجة

ببساطة، البرق هو السبب، والرعد هو النتيجة. البرق هو التفريغ الكهربائي الذي يولد الحرارة الشديدة، وهذه الحرارة هي التي تخلق الموجة الصوتية التي نسمعها كرعد. لا يمكن أن يحدث الرعد بدون برق، ولكن يمكن أن يحدث البرق دون أن نسمع رعداً قوياً إذا كان بعيداً جداً أو إذا كان التفريغ الكهربائي ضعيفاً. فهم هذه الديناميكية يسمح لنا بتقدير قوة الطبيعة وجمالها، وفي نفس الوقت، اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند التعرض للعواصف الرعدية.

الأكثر بحث حول "ايش الفرق بين البرق والرعد"

اترك التعليق