جدول المحتويات
البرق والرعد: ظاهرتان مذهلتان في السماء!
هل سبق لكم أن رأيتم تلك الأضواء الساطعة التي تخترق السماء في ليلة عاصفة، وسمعتم بعدها صوتًا قويًا يهز الأرض؟ هذه هي ظاهرة البرق والرعد، وهما صديقان قديمان يأتيان دائمًا معًا، لكنهما في الحقيقة شيئان مختلفان تمامًا. تخيلوا أن البرق هو “البطل الخارق” السريع الذي يظهر فجأة، بينما الرعد هو “الصوت القوي” الذي يعلن عن وجوده. دعونا نتعمق أكثر لنفهم كيف تحدث هذه الظواهر المدهشة وكيف تختلف عن بعضها البعض.
ما هو البرق؟ الشرارة الكهربائية العملاقة!
البرق هو ببساطة شرارة كهربائية ضخمة تحدث في السماء. تتكون السحب في الأيام العاصفة من قطرات ماء صغيرة وجزيئات جليد تتصادم وتتحرك باستمرار. هذا الاحتكاك والتصادم يسبب تراكم شحنات كهربائية داخل السحابة، تمامًا مثلما يحدث عندما تفرك بالونًا بشعرك فتصبح كهربائيًا.
تتجمع هذه الشحنات الكهربائية في مناطق مختلفة من السحابة. عندما يصبح الفرق في الشحنة كبيرًا جدًا، لا تستطيع السحابة احتواء كل هذه الطاقة، فتبحث عن طريقة لتفريغها. في معظم الأحيان، يحدث هذا التفريغ عن طريق انتقال الشحنات الكهربائية بين جزء موجب الشحنة وجزء سالب الشحنة داخل السحابة نفسها، أو بين سحابة وسحابة أخرى، أو حتى بين السحابة والأرض.
عندما يحدث هذا الانتقال السريع للشحنات، تضيء السماء بضوء ساطع جدًا لمدة قصيرة جدًا. هذا الضوء هو ما نسميه “البرق”. إنه مثل مصباح كهربائي عملاق يضيء في لمح البصر! يمكن أن يكون البرق على شكل خطوط متعرجة، أو أشكال منتشرة، أو حتى انفجارات ضوئية في السماء.
أنواع البرق المختلفة:
* **برق السحب:** وهو النوع الأكثر شيوعًا، حيث يحدث التفريغ الكهربائي داخل السحابة نفسها أو بين سحابتين. قد تراه كوميض متقطع أو كخطوط متعرجة تنير السحابة من الداخل.
* **برق السحب إلى الأرض:** هذا هو النوع الذي قد يكون مثيرًا للقلق قليلاً، حيث ينتقل البرق من السحابة إلى سطح الأرض. يكون هذا البرق ساطعًا جدًا وخطيرًا، ويجب دائمًا الابتعاد عن النوافذ والأماكن المفتوحة أثناء حدوثه.
* **برق الأرض إلى السحب:** وهو أقل شيوعًا، حيث تنتقل الشحنات من الأرض إلى السحابة.
ما هو الرعد؟ صوت العاصفة القوي!
الآن، لنتحدث عن الرعد. الرعد هو الصوت الذي نسمعه بعد رؤية البرق. لكن لماذا نسمع هذا الصوت؟ هل البرق يصرخ؟ بالطبع لا!
عندما يحدث البرق، وهو شرارة كهربائية قوية جدًا، فإنه يسخن الهواء المحيط به بسرعة فائقة. تخيلوا أنكم تضعون شيئًا باردًا جدًا بجوار نار كبيرة، سيسخن الشيء البارد بسرعة كبيرة. كذلك الهواء، عندما يمر به البرق، ترتفع درجة حرارته بشكل هائل في جزء من الثانية، وقد تصل إلى حوالي 30,000 درجة مئوية!
هذا الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة الهواء يجعله يتمدد ويتوسع بسرعة كبيرة جدًا، مثل انفجار صغير. هذا التمدد السريع للهواء يولد موجات صوتية تنتشر في كل الاتجاهات. هذه الموجات الصوتية هي ما نسمعه كـ”رعد”.
لماذا نرى البرق قبل أن نسمع الرعد؟
هذا السؤال يحير الكثيرين، والإجابة بسيطة جدًا وتتعلق بسرعة الضوء وسرعة الصوت. الضوء يسافر أسرع بكثير من الصوت. تخيلوا أنكم تشاهدون ألعابًا نارية. ترون الضوء المبهر أولاً، ثم تسمعون صوت الانفجار بعد لحظات.
البرق هو ضوء، والرعد هو صوت. بما أن الضوء أسرع، فإننا نرى وميض البرق فور حدوثه. أما الصوت، فيحتاج وقتًا أطول للوصول إلى آذاننا. كلما ابتعدت العاصفة، زاد الوقت بين رؤية البرق وسماع الرعد. إذا رأيتم البرق وسمعتم الرعد فورًا تقريبًا، فهذا يعني أن العاصفة قريبة جدًا منكم، ويجب اتخاذ الحيطة والحذر.
الفرق في سرعة الوصول:
* **البرق:** يصل إلينا بسرعة الضوء، وهي حوالي 300,000 كيلومتر في الثانية. هذا يعني أننا نراه تقريبًا فور حدوثه.
* **الرعد:** يصل إلينا بسرعة الصوت، وهي حوالي 343 مترًا في الثانية (في الظروف العادية). هذه السرعة أبطأ بكثير من سرعة الضوء.
لهذا السبب، دائمًا ما نرى البرق قبل أن نسمع صوت الرعد. يمكننا حتى تقدير المسافة التي تبعدها العاصفة عنا عن طريق حساب عدد الثواني بين رؤية البرق وسماع الرعد. كل 3 ثوانٍ تعادل تقريبًا كيلومترًا واحدًا. فإذا انتظرتم 6 ثوانٍ لرؤية البرق ثم سماع الرعد، فإن العاصفة تبعد حوالي كيلومترين عنكم.
العلاقة بين البرق والرعد: فريق لا ينفصل!
كما ذكرنا، البرق والرعد هما ظاهرتان مرتبطتان ارتباطًا وثيقًا. لا يمكن أن يوجد رعد بدون برق، لأن الرعد هو نتيجة مباشرة للتمدد السريع للهواء الذي يسببه البرق. البرق هو السبب، والرعد هو النتيجة.
إنهما مثل لاعبي فريق واحد يلعبان معًا في الملعب. البرق هو اللاعب الذي يسجل الهدف (يحدث التفريغ الكهربائي)، والرعد هو صوت الجماهير التي تهتف فرحًا (الصوت الناتج عن هذا التفريغ).
لماذا لا نرى دائمًا برقًا عندما نسمع رعدًا؟
أحيانًا، قد نسمع صوت رعد خافت دون أن نرى البرق بوضوح. هذا يحدث غالبًا عندما تكون العاصفة بعيدة جدًا. الضوء الساطع للبرق قد يكون ضعيفًا جدًا ليصل إلينا، لكن موجات الصوت الأضعف قد تصل. أو قد يكون البرق محجوبًا بسحب أخرى، لكن الصوت ينتشر عبرها.
السلامة أثناء العواصف الرعدية:
من المهم أن نعرف أن البرق والرعد، رغم جمالهما، يمكن أن يكونا خطيرين.
* **أثناء العاصفة الرعدية، ابقوا في الداخل** في مكان آمن مثل المنزل أو المباني المغلقة.
* **ابتعدوا عن النوافذ والأبواب** والأشياء المعدنية.
* **لا تستخدموا الهواتف السلكية** أو الأجهزة الكهربائية.
* **إذا كنتم في الخارج،** ابحثوا عن مأوى آمن فورًا. تجنبوا الأماكن المفتوحة، الأشجار المنفردة، أو الأسطح العالية.
البرق والرعد هما جزء من الطبيعة، وهما يذكراننا بقوة وغضب العواصف. فهمنا لهما يجعلنا نستمتع بجمال السماء ونحن في أمان، ونقدر هذه الظواهر الطبيعية المدهشة التي تحدث فوق رؤوسنا.
