اسباب الحكة عند الحامل في الشهر الثامن

كتبت بواسطة نجلاء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 7:32 صباحًا

الحكة في الشهر الثامن من الحمل: فهم الأسباب وطرق التعامل

يعتبر الحمل رحلة استثنائية مليئة بالتغيرات الفسيولوجية والعاطفية. وبينما تستعد الأم لاستقبال مولودها الجديد، قد تواجه بعض الأعراض المزعجة التي تتطلب فهمًا دقيقًا وطرقًا فعالة للتعامل معها. من بين هذه الأعراض، تبرز الحكة كظاهرة شائعة، خاصة في الشهر الثامن من الحمل، حيث يصل التغيرات الجسدية إلى ذروتها. هذه الحكة، التي قد تتراوح من مجرد إزعاج بسيط إلى مصدر قلق حقيقي، لها أسباب متعددة تتجاوز مجرد جفاف الجلد، وتشمل تغيرات هرمونية، وتمدد الجلد، وفي بعض الحالات، حالات طبية كامنة تستدعي استشارة طبية.

تغيرات الجلد الطبيعية وتأثيرها على الحكة

مع تقدم الحمل، يمر الجلد بتغيرات جذرية لاستيعاب النمو المتزايد للجنين. هذا التمدد، خاصة في منطقة البطن، الفخذين، والصدر، يؤدي إلى شد الألياف المرنة للجلد، مما يسبب الحكة.

تأثير تمدد الجلد (Stretch Marks)

تُعد علامات التمدد، أو “الخطوط البيضاء” كما تُعرف أحيانًا، نتيجة طبيعية لتمدد الجلد السريع. مع تمدد الجلد، قد تصبح الأعصاب الموجودة في الطبقات السفلية أكثر حساسية، مما يؤدي إلى الشعور بالحكة. غالبًا ما تبدأ علامات التمدد بلون وردي أو أحمر، وقد تكون مصحوبة بالحكة قبل أن تتحول تدريجيًا إلى لون أبيض أو فضي بعد الولادة.

جفاف الجلد الشائع

التغيرات الهرمونية خلال الحمل يمكن أن تؤثر على مستويات الرطوبة الطبيعية للبشرة. قد يصبح الجلد أكثر جفافًا، مما يفقده ليونته ويجعله أكثر عرضة للحكة. يمكن أن تتفاقم هذه الحالة في البيئات الجافة أو مع استخدام الصابون القاسي الذي يجرد البشرة من زيوتها الطبيعية.

التغيرات الهرمونية ودورها في الحكة

تلعب الهرمونات دورًا محوريًا في جميع جوانب الحمل، ولا تستثني الحكة. التغيرات الهرمونية الكبيرة، وخاصة زيادة مستويات هرمون الاستروجين، يمكن أن تؤثر على وظيفة حاجز البشرة وتزيد من حساسيتها.

زيادة هرمون الاستروجين

يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات هرمون الاستروجين إلى زيادة تدفق الدم إلى الجلد، مما قد يسبب شعورًا بالدفء والحكة. كما أن هذا الهرمون يمكن أن يؤثر على توازن الزيوت الطبيعية في البشرة، مما يساهم في جفافها وزيادة قابليتها للحكة.

أسباب طبية محتملة للحكة الشديدة

في حين أن معظم حالات الحكة أثناء الحمل تكون حميدة، إلا أن هناك بعض الحالات الطبية التي يمكن أن تسبب حكة شديدة وتتطلب تقييمًا طبيًا.

الركود الصفراوي الحملي (Intrahepatic Cholestasis of Pregnancy – ICP)

تُعد هذه الحالة من أهم الأسباب التي يجب الانتباه إليها، خاصة في الثلث الثالث من الحمل. يحدث الركود الصفراوي الحملي عندما تتراكم العصارة الصفراوية في الكبد، مما يؤدي إلى زيادة مستوياتها في الدم. الأعراض الرئيسية تشمل حكة شديدة، غالبًا ما تبدأ في راحتي اليدين وباطن القدمين، وقد تنتشر في جميع أنحاء الجسم. هذه الحكة غالبًا ما تكون أسوأ في الليل. قد يصاحب الحكة اصفرار في الجلد وبياض العينين (اليرقان)، بول داكن، وبراز فاتح اللون.

الأرتيكاريا الحملية (PUPPP – Pruritic Urticarial Papules and Plaques of Pregnancy)

تُعد الأرتيكاريا الحملية من الطفح الجلدي الشائع الذي يصيب حوالي 1% من النساء الحوامل. تبدأ عادة في أواخر الثلث الثالث من الحمل، وغالبًا ما تظهر على البطن كبقع حمراء صغيرة وحاكة، ثم تنتشر إلى الفخذين والأرداف. على الرغم من أنها قد تبدو مزعجة، إلا أنها لا تشكل خطرًا على الجنين.

التهاب الجلد التأتبي (الإكزيما) في الحمل

بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من الإكزيما قبل الحمل، يمكن أن تتفاقم الحالة خلال الحمل بسبب التغيرات الهرمونية والتوتر. يمكن أن تظهر الإكزيما على شكل بقع حمراء، جافة، ومثيرة للحكة في مناطق مختلفة من الجسم.

الحساسية والطفح الجلدي

يمكن أن تتفاعل البشرة الحساسة خلال الحمل مع بعض المنتجات الجديدة، مثل مستحضرات التجميل، أو منظفات الغسيل، أو حتى بعض الأطعمة، مما يؤدي إلى رد فعل تحسسي يسبب الحكة والطفح الجلدي.

متى يجب استشارة الطبيب؟

من الضروري عدم تجاهل الحكة الشديدة، خاصة إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى. يجب استشارة الطبيب في الحالات التالية:

* **حكة شديدة لا تستجيب للعلاجات المنزلية:** إذا كانت الحكة تمنعك من النوم أو تؤثر بشكل كبير على جودة حياتك.
* **ظهور طفح جلدي:** خاصة إذا كان الطفح ينتشر بسرعة أو يبدو مختلفًا عن مجرد جفاف الجلد.
* **اصفرار الجلد أو بياض العينين (اليرقان):** هذا قد يشير إلى مشاكل في الكبد.
* **تغير لون البول أو البراز:** قد يكون علامة على مشاكل في الجهاز الصفراوي.
* **وجود تاريخ مرضي لمشاكل الكبد:** لتقييم المخاطر المحتملة.

نصائح للتعامل مع الحكة في الشهر الثامن

هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن للأمهات الحوامل اتباعها لتخفيف الحكة:

* **الترطيب المستمر:** استخدام مرطبات لطيفة وغير معطرة بانتظام، خاصة بعد الاستحمام، للمساعدة في الحفاظ على رطوبة الجلد.
* **الاستحمام بماء فاتر:** تجنب الماء الساخن الذي يمكن أن يجفف البشرة ويزيد الحكة.
* **استخدام منظفات لطيفة:** اختيار صابون أو جل استحمام خالٍ من العطور والمواد الكيميائية القاسية.
* **ارتداء ملابس فضفاضة:** اختيار ملابس مصنوعة من أقمشة طبيعية مثل القطن، وتجنب الأقمشة الصناعية التي قد تزيد من التعرق والتهيج.
* **تجنب مسببات الحساسية المعروفة:** الانتباه إلى أي منتجات أو أطعمة قد تثير الحكة.
* **العلاج بالكمادات الباردة:** وضع كمادات باردة على المناطق المصابة يمكن أن يوفر راحة مؤقتة.
* **الاستماع إلى جسدك:** في حال تفاقم الأعراض، لا تترددي في طلب المساعدة الطبية.

في الختام، الحكة في الشهر الثامن من الحمل هي تجربة شائعة يمكن أن تكون ناتجة عن تغيرات طبيعية أو حالات طبية تتطلب الانتباه. فهم الأسباب المحتملة واتباع النصائح الوقائية والعلاجية، مع التشاور الدائم مع فريق الرعاية الصحية، سيساعد في جعل هذه المرحلة من الحمل أكثر راحة وسلامة.

الأكثر بحث حول "اسباب الحكة عند الحامل في الشهر الثامن"

اترك التعليق