إجهاض الجنين في الشهر الرابع

كتبت بواسطة مروة
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 9:16 صباحًا

إجهاض الجنين في الشهر الرابع: نظرة شاملة على الأسباب، المخاطر، والتعامل النفسي

تُعدّ مرحلة الحمل رحلة مليئة بالآمال والتوقعات، إلا أن بعض الأسر قد تواجه تحديات مؤلمة تتمثل في فقدان الجنين. يُعتبر إجهاض الجنين في الشهر الرابع، والذي يقع ضمن نطاق الإجهاض المتأخر، حدثًا بالغ الحساسية ويتطلب فهمًا عميقًا لأسبابه، وطرق التعامل معه، والتأثيرات النفسية التي قد تنجم عنه. يمثل الشهر الرابع من الحمل (الأسبوع 13 إلى 16 تقريبًا) نقطة تحول مهمة، حيث تكون الأعضاء الرئيسية للجنين قد تشكلت، وتصبح الحركة محسوسة، مما يجعل فقدان الحمل في هذه المرحلة أكثر وقعًا على الأم والأب.

فهم إجهاض الشهر الرابع: ما الذي يحدث؟

يُعرف الإجهاض بشكل عام بفقدان الحمل قبل الأسبوع العشرين من الحمل. عندما يحدث هذا الفقدان في الشهر الرابع، فإنه يُصنف كإجهاض متأخر، وهو أقل شيوعًا من الإجهاض المبكر. في هذه المرحلة، يكون الجنين قد تجاوز مرحلة التكون الأولية، وتكون هناك فرصة أكبر للنمو والتطور. ومع ذلك، فإن هذه المرحلة لا تزال تحمل مخاطر، وقد تكون الأسباب الكامنة أكثر تعقيدًا.

الأسباب المحتملة لإجهاض الجنين في الشهر الرابع

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى إجهاض في الشهر الرابع، وغالبًا ما تكون مزيجًا من عوامل مختلفة. من المهم التأكيد على أن معظم هذه الأسباب لا تعكس أي خطأ من الأم، وأنها غالبًا ما تكون خارجة عن إرادتها.

1. مشاكل الكروموسومات والعيوب الجنينية

على الرغم من أن معظم مشاكل الكروموسومات تسبب الإجهاض في الثلث الأول، إلا أن بعضها قد يستمر للتأثير على نمو الجنين وتطوره، مما يؤدي إلى الإجهاض لاحقًا. قد تكون هناك طفرات جينية أو عيوب هيكلية في الكروموسومات تؤثر على قدرة الجنين على البقاء على قيد الحياة.

2. مشاكل في المشيمة أو الحبل السري

تُعد المشيمة هي الرابط الحيوي بين الأم والجنين، وتلعب دورًا حاسمًا في تزويد الجنين بالأكسجين والمواد الغذائية. أي خلل في نمو المشيمة، أو عدم كفاءتها في أداء وظيفتها، أو مشاكل في الحبل السري مثل الالتفاف حول عنق الجنين أو انقطاعه، يمكن أن يؤدي إلى توقف نمو الجنين أو وفاته، وبالتالي الإجهاض.

3. العدوى والمشاكل الصحية للأم

يمكن للعدوى البكتيرية أو الفيروسية أن تؤثر على صحة الأم والجنين. بعض الالتهابات، مثل داء المقوسات، أو عدوى فيروس مضخم للخلايا (CMV)، أو حتى بعض الالتهابات الشديدة في المسالك البولية أو المهبل، قد تنتقل إلى الجنين وتؤثر على نموه أو تسبب تهيجًا شديدًا للرحم. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الحالات الصحية المزمنة للأم، مثل مرض السكري غير المنضبط، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الغدة الدرقية، يمكن أن تزيد من خطر الإجهاض.

4. مشاكل عنق الرحم

يُعرف ضعف عنق الرحم أو قصره بأنه عامل خطر للإجهاض المتأخر. في هذه الحالة، قد لا يتمكن عنق الرحم من تحمل وزن الجنين المتزايد، وقد يبدأ في التوسع قبل الأوان، مما يؤدي إلى الولادة المبكرة أو الإجهاض. غالبًا ما يتم اكتشاف هذه الحالة أثناء الحمل، وقد يتم التعامل معها من خلال إجراء يسمى “الربط” (cerclage) لتثبيت عنق الرحم.

5. عوامل متعلقة بنمط حياة الأم

على الرغم من أن التأثير المباشر لبعض العوامل قد يكون أقل وضوحًا في الشهر الرابع مقارنة بالبداية، إلا أن استمرار بعض السلوكيات يمكن أن يشكل خطرًا. يشمل ذلك التدخين، واستهلاك الكحول، وتعاطي المخدرات، والتعرض المفرط للمواد الكيميائية الضارة. كما أن الإجهاد المزمن والشديد قد يلعب دورًا، على الرغم من أن آلية تأثيره لا تزال قيد البحث.

6. الاضطرابات المناعية والتخثرية

في بعض الحالات، قد يكون لدى الأم جهاز مناعي يهاجم الجنين أو المشيمة، أو قد تعاني من اضطرابات في تخثر الدم (مثل متلازمة أضداد الفوسفوليبيد) التي تزيد من خطر تكون الجلطات في الأوعية الدموية للمشيمة، مما يعيق تدفق الدم إلى الجنين.

التشخيص والتعامل الطبي مع إجهاض الشهر الرابع

عندما تواجه المرأة أعراضًا مثل النزيف المهبلي، أو التقلصات الشديدة، أو فقدان حركة الجنين، فإنها تحتاج إلى تقييم طبي فوري.

1. الفحص السريري والتاريخ الطبي

يبدأ التشخيص بأخذ التاريخ الطبي المفصل للمريضة، بما في ذلك أي أعراض حالية، وتاريخ الحمل السابق، وأي حالات صحية لديها. قد يتم إجراء فحص سريري لتقييم حالة عنق الرحم.

2. الموجات فوق الصوتية (السونار)

تُعد الموجات فوق الصوتية أداة أساسية لتأكيد وجود الحمل، وتقييم نمو الجنين، وتحديد ما إذا كان القلب ينبض. في حالة الإجهاض، يمكن للسونار أن يوضح ما إذا كان الرحم فارغًا أو ما إذا كانت هناك بقايا للحمل.

3. الفحوصات المخبرية

قد تُطلب فحوصات دم لتقييم مستوى الهرمونات، والبحث عن علامات العدوى، أو تحديد وجود مشاكل في تخثر الدم أو اضطرابات مناعية.

4. التعامل مع الإجهاض المكتمل وغير المكتمل

إذا تم تأكيد الإجهاض، فإن الطبيب سيحدد ما إذا كان الإجهاض مكتملًا (جميع الأنسجة قد خرجت من الرحم) أو غير مكتمل (لا تزال هناك بقايا للحمل). في حالة الإجهاض غير المكتمل، قد يتطلب الأمر إجراءات طبية مثل التوسيع والكحت (D&C) أو استخدام الأدوية لإخراج الأنسجة المتبقية، وذلك لمنع العدوى والنزيف الشديد.

التأثير النفسي والعاطفي لفقدان الحمل

لا يمكن التقليل من الأثر النفسي العميق لفقدان الجنين، خاصة في الشهر الرابع عندما يكون الحمل قد أصبح ملموسًا بشكل أكبر. قد تمر الأم والأب بمجموعة من المشاعر الصعبة.

1. الحزن والصدمة

الشعور بالحزن الشديد، والإنكار، والغضب، والشعور بالذنب، واليأس هي مشاعر شائعة. قد يشعر الأبوان بأنهما فقدا طفلًا كان له مكان في حياتهما وأحلامهما.

2. الشعور بالوحدة والعزلة

على الرغم من أن الإجهاض تجربة شائعة نسبيًا، إلا أن الكثيرين يشعرون بالوحدة في حزنهم، وقد يجدون صعوبة في التحدث عن مشاعرهم مع الآخرين.

3. القلق بشأن المستقبل

قد ينتاب الأبوين قلق شديد بشأن قدرتهما على الحمل مستقبلًا، أو الخوف من تكرار نفس التجربة المؤلمة.

الدعم النفسي والاجتماعي

يُعد الحصول على الدعم المناسب أمرًا حيويًا للتعافي.

1. الدعم من الشريك والعائلة والأصدقاء

التواصل المفتوح مع الشريك، وطلب الدعم من العائلة والأصدقاء المقربين الذين يتفهمون الموقف يمكن أن يكون له أثر كبير.

2. الاستشارة النفسية

قد يكون من المفيد جدًا اللجوء إلى استشاري نفسي متخصص في التعامل مع فقدان الحمل. يمكن للمعالج مساعدة الأبوين على معالجة مشاعرهم، وتطوير آليات تكيف صحية.

3. مجموعات الدعم

الانضمام إلى مجموعات دعم للأشخاص الذين مروا بتجارب مماثلة يمكن أن يوفر شعورًا بالانتماء والتفهم المتبادل، ويقلل من الشعور بالعزلة.

التعافي الجسدي والنفسي

تستغرق عملية التعافي وقتًا، سواء جسديًا أو نفسيًا. من المهم منح النفس المساحة الكافية للحزن، والعناية بالصحة الجسدية من خلال الغذاء الصحي والراحة، والبحث عن الدعم عند الحاجة. إن فهم أن الإجهاض ليس خطأ شخصيًا، وأنه غالبًا ما يكون نتيجة لعوامل خارجة عن السيطرة، هو خطوة أساسية نحو الشفاء.

اترك التعليق