أنواع الصخور بالصور

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 3:46 صباحًا

رحلة عبر عالم الصخور: تنوع لا ينتهي وتاريخ يتشكل

الأرض التي نمشي عليها، والتي تشكل أساس حضارتنا، ليست سوى نسيج معقد من الصخور المتنوعة. لكل صخرة قصة تحكيها، قصة عن أصولها، وعن القوى الطبيعية الهائلة التي شكلتها على مدى ملايين السنين. فهمنا لأنواع الصخور ليس مجرد فضول علمي، بل هو مفتاح لفهم تاريخ كوكبنا، وثرواته المعدنية، وحتى الظواهر الطبيعية التي تحدث حولنا. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا العالم المدهش، مستكشفين الأنواع الرئيسية للصخور، خصائصها الفريدة، وكيف تتشكل، معززين بالشرح البصري الذي يجعل هذه الرحلة أكثر ثراءً.

الصخور النارية: ولادة من رحم البراكين

تُعد الصخور النارية “الجيل الأول” من الصخور، فهي تتكون من تجمد وانصهار الصخور المنصهرة، المعروفة بالماغما (داخل الأرض) أو اللافا (على سطح الأرض). إنها كالمعادن السائلة التي تبرد وتتصلب ببطء أو بسرعة، لتشكل بنى بلورية فريدة.

الصخور النارية الجوفية (Intrusive Igneous Rocks)

تتكون هذه الصخور عندما تبرد الماغما ببطء شديد تحت سطح الأرض. هذا التبريد البطيء يمنح المعادن وقتاً كافياً للنمو وتشكيل بلورات كبيرة وواضحة، وغالباً ما تكون مرئية بالعين المجردة. الجرانيت هو مثال كلاسيكي على هذا النوع، بألوانه المتنوعة من الوردي والأبيض والرمادي، وبلوراته الواضحة من الكوارتز والفلسبار والميكا. يستخدم الجرانيت على نطاق واسع في البناء والتشييد، نظراً لقوته ومتانته ومظهره الجذاب.

الصخور النارية السطحية (Extrusive Igneous Rocks)

على النقيض من ذلك، تتكون الصخور النارية السطحية عندما تندفع اللافا إلى السطح وتبرد بسرعة. هذا التبريد السريع يحد من نمو البلورات، مما يؤدي إلى صخور ذات حبيبات دقيقة جداً أو حتى زجاجية. البازلت هو أحد أشهر الأمثلة، وهو صخر أسود أو رمادي داكن، يتكون غالباً من معادن مثل البلاجيوكليز والبيروكسين. يتشكل البازلت في الغالب في مناطق البراكين النشطة، ويمثل جزءاً كبيراً من قشرة المحيطات. صخور أخرى مثل الريوليت والأوبسيديان (الزجاج البركاني) تنتمي أيضاً إلى هذه الفئة، حيث يتميز الأوبسيديان بسطحه الأملس الحاد الذي جعله مادة قيمة لصنع الأدوات الحادة في العصور القديمة.

الصخور الرسوبية: سجل الحياة والتاريخ

تتشكل الصخور الرسوبية نتيجة لتراكم وتماسك الرواسب، وهي فتات صخور أخرى، أو بقايا كائنات حية، أو مواد كيميائية مترسبة من الماء. إنها بمثابة “دفاتر” تسجل الظروف البيئية السائدة في أزمنة جيولوجية سابقة، وتحتوي غالباً على أحافير للكائنات التي عاشت في تلك الأزمنة.

الصخور الفتاتية (Clastic Sedimentary Rocks)

تتكون هذه الصخور من فتات صخور أخرى تم نقلها وترسيبها. يعتمد حجم الفتات على قوة العوامل التي نقلته (كالرياح والمياه). الحجر الرملي، مثال شائع، يتكون من حبيبات رمل متماسكة، ويأتي بألوان مختلفة حسب المعادن الموجودة فيه. الكونجلوميرات، التي تحتوي على حصى مستديرة، والبريشيا، التي تحتوي على قطع حادة، هي أمثلة أخرى.

الصخور الرسوبية الكيميائية (Chemical Sedimentary Rocks)

تتكون هذه الصخور عندما تترسب المعادن الذائبة من الماء، غالباً بسبب التبخر. الحجر الجيري، وهو صخر غني بكربونات الكالسيوم، يمكن أن يتكون كيميائياً، وكذلك الملح الصخري (الهاليت) والجبس. هذه الصخور غالباً ما تتشكل في بيئات بحيرات المياه المالحة أو البحار الضحلة.

الصخور الرسوبية العضوية (Organic Sedimentary Rocks)

تتكون هذه الصخور من تراكم بقايا الكائنات الحية، مثل النباتات أو الحيوانات. الفحم هو مثال بارز، حيث يتكون من تراكم بقايا النباتات المتحللة في بيئات خالية من الأكسجين. الحجر الجيري العضوي، مثل الطباشير، يتكون من بقايا الهياكل العظمية والمواد الكلسية للكائنات البحرية الدقيقة.

الصخور المتحولة: تحول تحت الضغط والحرارة

تنشأ الصخور المتحولة عندما تتعرض الصخور الموجودة (نارية، رسوبية، أو حتى متحولة أخرى) للحرارة الشديدة والضغط العالي تحت سطح الأرض، ولكن دون أن تنصهر تماماً. هذه الظروف القاسية تعيد ترتيب المعادن وتغير بنية الصخر، مما ينتج عنه أنواع جديدة بخصائص مختلفة.

الصخور المتحولة المتورقة (Foliated Metamorphic Rocks)

تتميز هذه الصخور بوجود طبقات أو خطوط متوازية من المعادن، تتكون نتيجة للضغط الموجه. الشيست هو مثال نموذجي، حيث تترتب فيه المعادن على شكل صفائح واضحة. السجيل هو صخر متحول ناعم الحبيبات، وغالباً ما يكون قابلاً للانقسام إلى صفائح رقيقة. الرخام، على الرغم من أنه يبدو كتلة متجانسة، إلا أنه يمكن أن يظهر بعض التورق الخفيف في بعض الأحيان.

الصخور المتحولة غير المتورقة (Non-Foliated Metamorphic Rocks)

في هذه الصخور، لا تتكون طبقات واضحة، لأن الضغط يكون متساوياً من جميع الاتجاهات، أو لأن الصخر الأصلي لا يحتوي على معادن قابلة للترتيب في صفائح. الرخام هو أحد أبرز الأمثلة، وهو يتكون من إعادة تبلور الحجر الجيري، ويشتهر بجماله ونعومته، مما يجعله مادة مفضلة للنحت والديكور. الكوارتزيت هو مثال آخر، يتكون من إعادة تبلور الحجر الرملي، ويتميز بقوته وصلابته.

فهم هذه الأنواع الثلاثة الرئيسية للصخور، وكيفية تحولها من شكل إلى آخر عبر دورة الصخور، هو بمثابة قراءة صفحات كتاب تاريخ الأرض. كل صخرة نراها هي قطعة من هذا التاريخ الجيولوجي العظيم، شاهد على عمليات طبيعية استمرت لدهور، ولا تزال تشكل عالمنا حتى يومنا هذا.

اترك التعليق