جدول المحتويات
هل تمتلك القطط دورة شهرية؟ فهم دورات التكاثر لديها
غالباً ما يتبادر إلى أذهان مربي القطط والمحبين لهذه الكائنات الأليفة سؤال حول طبيعة دورات التكاثر لديها، وهل تشبه إلى حد ما الدورة الشهرية لدى الإنسان؟ في حين أن المصطلح “دورة شهرية” قد لا يكون دقيقاً تماماً لوصف ما تمر به القطط، إلا أن لديها بالفعل دورات تكاثرية منتظمة، تُعرف علمياً باسم “دورة الشبق” أو “دورة الحرارة”، وهي فترة تكون فيها القطة جاهزة للتزاوج. فهم هذه الدورات ضروري لرعاية القطط بشكل فعال، سواء بهدف منع الحمل غير المرغوب فيه أو لتخطيط التكاثر.
فهم دورة الشبق لدى القطط
على عكس الإناث البشرية التي تمر بدورة شهرية تنطوي على نزيف وطرد للبويضة كل شهر تقريباً، فإن دورة الشبق لدى القطط تختلف في طبيعتها وتوقيتها. لا تمر القطط بنزيف مهبلي كجزء من دورتها التكاثرية، ولا يحدث طرد للبويضة تلقائياً شهرياً. بدلاً من ذلك، فإن دورة الشبق هي فترة نشاط جنسي يمكن أن تتكرر عدة مرات في السنة، خاصة خلال مواسم التكاثر.
العوامل المؤثرة في دورات الشبق
تتأثر دورات الشبق لدى القطط بشكل كبير بعوامل بيئية، أبرزها طول النهار. تُعتبر القطط حيوانات موسمية متعددة الشبق، مما يعني أن دورات الشبق لديها تحدث بشكل متكرر خلال فترات معينة من العام، وعادة ما تكون هذه الفترات هي عندما تكون ساعات النهار أطول، أي في فصلي الربيع والصيف. مع انخفاض ساعات النهار في الخريف والشتاء، قد تتوقف القطط عن الدخول في دورات الشبق.
* **ضوء النهار:** يُعد طول النهار العامل الأكثر تأثيراً. عندما تزداد ساعات ضوء النهار، يحفز ذلك الغدة النخامية في دماغ القطة على إفراز هرمونات تؤدي إلى بدء دورة الشبق.
* **درجة الحرارة:** على الرغم من أن ضوء النهار هو العامل الرئيسي، إلا أن درجات الحرارة المعتدلة قد تلعب دوراً مساعداً في تحفيز دورات الشبق.
* **وجود ذكور القطط:** يمكن لرائحة ذكور القطط أو وجودها بالقرب من إناث القطط أن يحفزها على الدخول في دورة الشبق، حتى لو لم يكن الوقت هو الموسم المعتاد للتكاثر.
* **العمر:** تبدأ القطط عادة في الوصول إلى مرحلة النضج الجنسي بين عمر 4 إلى 10 أشهر، ولكن هذا يمكن أن يختلف حسب السلالة والتغذية والعوامل البيئية.
مراحل دورة الشبق لدى القطط
تتكون دورة الشبق لدى القطط من عدة مراحل، على الرغم من أن القطة لا تمر بنزيف كما ذكرنا:
1. طور ما قبل الشبق (Proestrus):
هذه هي المرحلة التحضيرية لدورة الشبق. في هذه المرحلة، تبدأ المبايض لدى القطة في إنتاج هرمون الإستروجين، مما يؤدي إلى تغيرات سلوكية وجسدية. قد تبدأ القطة في إظهار بعض علامات الاهتمام بالذكور، لكنها لا تزال غير مستعدة للتزاوج. قد تصبح القطة أكثر حناناً، أو تفرك نفسها بالأشياء والأشخاص، وقد تصدر أصواتاً مختلفة عن المعتاد. تستمر هذه المرحلة عادة لمدة يوم إلى يومين.
2. طور الشبق (Estrus):
هذه هي المرحلة التي تكون فيها القطة جاهزة للتزاوج. تستمر هذه المرحلة لفترة تتراوح بين 3 إلى 7 أيام، وقد تصل أحياناً إلى 14 يوماً. خلال هذه الفترة، تكون القطة في قمة نشاطها الجنسي، وتظهر عليها علامات واضحة جداً تدل على استعدادها للتزاوج.
* **السلوكيات الظاهرة:**
* **الخرخرة والتأوه:** تصدر القطة أصواتاً عالية ومميزة، تشبه التأوهات أو الصرخات، لجذب انتباه الذكور.
* **التقلب والتدحرج:** تتدحرج القطة على الأرض بكثرة، وغالباً ما تكون على ظهرها، في محاولة لإظهار مناطقها التناسلية.
* **رفع الذيل:** ترفع القطة ذيلها بشكل ملحوظ، وغالباً ما تقوم بحركة جانبية به.
* **التدليك والفرك:** تفرك القطة نفسها بالأشخاص والأثاث والجدران بشكل مكثف.
* **وضع التزاوج:** قد تتخذ القطة وضعية معينة عند لمسها من الخلف، حيث تخفض صدرها وترفع مؤخرتها وذيلها، وهذا يعرف بـ “وضع التزاوج” (lordosis).
* **التبول المتكرر:** قد تقوم القطة بالتبول بشكل متكرر، ولو بكميات قليلة، في أماكن مختلفة، وذلك لنشر رائحتها.
* **القلق وعدم الراحة:** قد تبدو القطة قلقة أو مضطربة، وتحاول الهرب من المنزل إذا أتيحت لها الفرصة.
3. طور ما بعد الشبق (Metestrus):**
بعد انتهاء فترة الشبق، سواء حدث تزاوج أم لا، تدخل القطة في مرحلة ما بعد الشبق. إذا لم يحدث تزاوج، فإن الجسم يعود تدريجياً إلى حالته الطبيعية. إذا حدث تزاوج، فإن التغيرات الهرمونية تكون مختلفة. تستمر هذه المرحلة عادة لمدة يوم إلى يومين.
4. طور السكون (Anestrus):**
هذه هي الفترة التي تكون فيها القطة غير نشطة جنسياً. تحدث هذه المرحلة عادة خلال أشهر الشتاء عندما تكون ساعات النهار أقصر. خلال هذا الوقت، تكون المبايض في حالة راحة، ولا تظهر على القطة أي علامات على الشبق.
تحفيز الإباضة لدى القطط
من السمات الفريدة لدورة الشبق لدى القطط هو أنها “محفزة للإباضة” (induced ovulators). هذا يعني أن الإباضة (إطلاق البويضة من المبيض) لا تحدث تلقائياً، بل تتطلب تحفيزاً، وغالباً ما يحدث هذا التحفيز أثناء عملية التزاوج نفسها. عندما يقوم الذكر بتلقيح الأنثى، فإن عملية الاحتكاك في المهبل وتحفيز عنق الرحم يؤدي إلى إطلاق هرمونات تحفز الإباضة. هذه الآلية تزيد من فرص نجاح الإخصاب.
متى تتكرر دورات الشبق؟
إذا لم يحدث تزاوج، فإن القطة قد تعود إلى دورة الشبق بعد فترة قصيرة، قد تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. هذا يعني أن القطة غير المتزوجة يمكن أن تمر بدورة شبق متكررة عدة مرات خلال موسم التكاثر. هذا التكرار هو السبب في أن عبارة “دورة شهرية” قد تبدو منطقية للبعض، ولكنها تختلف جوهرياً عن الدورة البشرية.
التعامل مع دورات الشبق: التعقيم والوقاية
يُعد التعقيم (الإخصاء للذكور والتعقيم للإناث) هو الحل الأمثل للعديد من مربي القطط، وذلك لأسباب متعددة:
* **منع الحمل غير المرغوب فيه:** يوقف التعقيم دورات الشبق لدى الإناث ويمنع الإنجاب، مما يساعد في السيطرة على أعداد القطط وتقليل مشكلة القطط الضالة.
* **تحسين سلوك القطة:** غالباً ما تقلل عملية التعقيم من السلوكيات المرتبطة بالشبق، مثل الصراخ المزعج، ومحاولات الهرب، والتبول خارج الصندوق، والعدوانية تجاه القطط الأخرى.
* **الصحة العامة:** يقلل التعقيم من خطر الإصابة بأمراض معينة، مثل أورام الثدي، والتهابات الرحم (pyometra)، ومشاكل البروستاتا لدى الذكور.
من المهم استشارة طبيب بيطري لتحديد الوقت المناسب لتعقيم القطة، حيث تختلف التوصيات قليلاً بناءً على السلالة والظروف الصحية.
الخلاصة
في الختام، على الرغم من عدم وجود “دورة شهرية” بالمعنى البشري الدقيق، فإن القطط تمر بدورات شبق منتظمة خلال فصول معينة من السنة. هذه الدورات هي الفترة التي تكون فيها القطة جاهزة للتزاوج، وتتميز بتغيرات سلوكية وصوتية واضحة. فهم هذه الدورات ضروري لتقديم الرعاية المناسبة للقطط، وللتحكم في أعدادها، ولضمان صحتها ورفاهيتها على المدى الطويل.
