متى يظهر لون عيون الطفل الحقيقي

كتبت بواسطة admin
نشرت بتاريخ : الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 10:05 مساءً

تبدأ رحلة الحياة للكثير من الآباء والأمهات مع قدوم مولود جديد، وتترافق هذه الرحلة مع الكثير من التساؤلات والفضول حول تفاصيل نمو الطفل وتطوره، ومن بين هذه التساؤلات التي تشغل بال الكثيرين، يأتي سؤال حول لون عيون الطفل، ومتى يظهر لون العيون الحقيقي والمستقر. تتلون عيون الأطفال حديثي الولادة غالبًا بلون يختلف عن اللون النهائي الذي ستستقر عليه لاحقًا، وهذا التباين يبعث على الحيرة والرغبة في معرفة السبب والتوقيت. إن فهم العوامل التي تؤثر على لون عيون الطفل يمكن أن يوفر إجابات شافية ويقلل من القلق المرتبط بهذه الظاهرة الطبيعية.

العوامل المؤثرة في تحديد لون عين الطفل

يعتمد لون عين الطفل، شأنه شأن لون بشرته وشعره، على الجينات الوراثية التي يرثها من والديه. تلعب الجينات دورًا حاسمًا في تحديد كمية ونوع صبغة الميلانين التي ستتكون في القزحية، وهي الجزء الملون من العين. الميلانين هو صبغة مسؤولة عن اللون في الجلد والشعر والعينين.

دور الجينات الوراثية

تتضمن الجينات المسؤولة عن لون العين العديد من الجينات، لكن الجين الرئيسي هو جين OCA2، والذي يقع على الكروموسوم 15. يساهم هذا الجين في إنتاج بروتين P، وهو بروتين يلعب دورًا أساسيًا في إنتاج الميلانين. جين آخر مهم هو جين HERC2، والذي يعمل كمنظم للجين OCA2، حيث يمكن لتنوعات في هذا الجين أن تؤثر على مدى تعبير جين OCA2 وبالتالي على كمية الميلانين المنتجة.

وراثة لون العين: تعتبر وراثة لون العين صفة متعددة الجينات، مما يعني أن هناك أكثر من جين يساهم في تحديد لون العين. يرث الطفل نسختين من كل جين، واحدة من كل والد. إذا ورث الطفل جينات مسؤولة عن إنتاج كمية كبيرة من الميلانين، فمن المرجح أن تكون عيناه داكنتين (بنيتين). أما إذا ورث جينات مسؤولة عن إنتاج كمية قليلة من الميلانين، فمن المرجح أن تكون عيناه فاتحتين (زرقاوين أو رماديتين).

دور صبغة الميلانين

الميلانين هو الصبغة التي تحدد لون العين، وهو نفس الصبغة التي تحدد لون البشرة والشعر. هناك نوعان رئيسيان من الميلانين:

اليوميلانين (Eumelanin): هو الميلانين الداكن المسؤول عن الألوان البنية والسوداء.
الفايوميلانين (Pheomelanin): هو الميلانين الفاتح المسؤول عن الألوان الحمراء والصفراء، ولكنه يلعب دورًا أقل في تحديد لون العين مقارنة باليوميلانين.

تؤثر كمية ونوع الميلانين الموجود في الطبقة الأمامية من القزحية بشكل مباشر على اللون الظاهر للعين.

العيون البنية: تحتوي على كمية كبيرة من اليوميلانين في قزحية العين.
العيون الزرقاء: تحتوي على كمية قليلة جدًا من اليوميلانين. يعود اللون الأزرق إلى تشتت الضوء في طبقات القزحية، وهو ما يعرف بتأثير رايلي (Rayleigh scattering)، مشابه لتشتت الضوء الذي يجعل السماء تبدو زرقاء.
العيون الخضراء ورمادية: تحتوي على كميات متوسطة إلى قليلة من الميلانين، بالإضافة إلى وجود ألياف كولاجين في النسيج الضام للقزحية.

تغيير لون العين عند الأطفال حديثي الولادة

غالبية الأطفال حديثي الولادة، وخاصة ذوي البشرة الفاتحة، يولدون بعيون زرقاء أو رمادية فاتحة. هذا اللون لا يعكس اللون النهائي لعيني الطفل، ويعود سببه إلى عدة عوامل مرتبطة بالتطور.

لماذا تكون عيون الأطفال حديثي الولادة زرقاء في الغالب؟

عند الولادة، لم تكتمل عملية إنتاج الميلانين في قزحية الطفل بشكل كامل. تكون الخلايا المسؤولة عن إنتاج الميلانين، وهي الخلايا الصباغية (melanocytes)، غير نشطة بشكل كامل. لذا، تكون كمية الميلانين قليلة جدًا، مما يؤدي إلى ظهور العينين بلون أزرق نتيجة لتشتت الضوء.

استجابة للضوء: قد تكون عيون الأطفال حديثي الولادة حساسة للضوء، ويساعد اللون الفاتح الأولي على التأقلم مع البيئة الجديدة خارج رحم الأم.

التحول التدريجي نحو اللون النهائي

تبدأ خلايا القزحية في إنتاج الميلانين ببطء بعد الولادة، وتعتمد سرعة هذه العملية على الجينات الوراثية للطفل. كلما زادت كمية الميلانين المنتجة، يتغير لون العين تدريجيًا.

التغيرات خلال الأسابيع والأشهر الأولى: قد تبدأ التغيرات الملحوظة في الظهور خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى من حياة الطفل. قد تتحول العيون الزرقاء تدريجيًا إلى درجات أفتح من اللون البني، أو تتحول إلى اللون الأخضر أو الرمادي.

متى يظهر لون العين الحقيقي والمستقر؟

لا يوجد جدول زمني صارم ومحدد لظهور اللون النهائي للعين، حيث يختلف الأمر من طفل لآخر. ومع ذلك، هناك تقديرات عامة للفترات الزمنية التي يحدث فيها معظم التغيير.

الفترات الزمنية الرئيسية للتغيير

من 6 أشهر إلى سنة: في معظم الحالات، يبدأ لون العين بالاستقرار بشكل ملحوظ بين الشهر السادس والشهر الأول من عمر الطفل. قد يتمكن الآباء من رؤية مؤشرات قوية للون النهائي خلال هذه الفترة.
حتى عمر 3 سنوات: في بعض الحالات الأقل شيوعًا، قد يستمر تغيير لون العين بشكل طفيف حتى سن الثالثة. إذا لوحظ تغيير كبير بعد السنة الأولى، قد يكون الأطباء أكثر اهتمامًا بمراقبة التغييرات.

ملاحظات مهمة حول التغيير

التغيرات المفاجئة: قد تكون التغيرات المفاجئة أو الكبيرة في لون العين، خاصة إذا كانت في عين واحدة، علامة تستدعي استشارة الطبيب.
اللون النهائي: اللون الذي تستقر عليه العين يعتمد كليًا على الجينات التي ورثها الطفل. إذا كان لدى أحد الوالدين عيون بنية وآخر عيون زرقاء، يمكن أن ترث الطفل أيًا من اللونين أو لونًا بينهما، مثل اللون الزيتوني أو العسلي.

العوامل التي قد تؤثر على الإدراك الظاهري للون العين

أحيانًا، قد يبدو لون عين الطفل مختلفًا بناءً على عوامل خارجية أو ظروف معينة، حتى لو لم يتغير اللون الحقيقي للصبغة.

الإضاءة والملابس

تأثير الإضاءة: يمكن للإضاءة المحيطة أن تؤثر على كيفية إدراكنا للون العين. الأضواء الساطعة أو الدافئة قد تجعل العيون تبدو أفتح، بينما الإضاءة الباردة قد تجعلها تبدو أغمق.
تأثير الملابس: يمكن للألوان التي يرتديها الطفل أن تؤثر على إدراك اللون للعين. الألوان الزاهية أو الداكنة في الملابس قد تجعل لون العين يبدو أكثر بروزًا أو اختلافًا.

صحة العين

في حالات نادرة، قد تكون هناك حالات طبية تؤثر على لون العين.

الأمهات المصابات بالألبينو (Albinism): يعاني الأطفال المصابون بالأمهق من نقص شديد جدًا في الميلانين، مما يؤدي إلى عيون فاتحة جدًا (غالبًا وردية أو حمراء) أو زرقاء شاحبة جدًا.
اضطرابات أخرى: بعض الاضطرابات الوراثية أو المكتسبة قد تؤثر على القزحية ومنتجاتها. يجب على الآباء استشارة طبيب العيون إذا كانت لديهم أي مخاوف بشأن لون عين طفلهم.

الخلاصة

إن ظهور لون عيون الطفل الحقيقي هو عملية تدريجية تتأثر بعوامل وراثية وجينية معقدة. يبدأ معظم الأطفال حديثي الولادة بعيون زرقاء أو رمادية فاتحة بسبب عدم اكتمال إنتاج صبغة الميلانين، ثم يبدأ اللون بالتحول تدريجيًا خلال الأشهر الأولى من حياتهم. غالبًا ما يستقر اللون النهائي للعين بين عمر 6 أشهر وعمر سنة، وقد يستمر التغيير بشكل طفيف حتى عمر 3 سنوات في بعض الحالات. في نهاية المطاف، فإن لون عين الطفل النهائي هو انعكاس لتراثه الجيني الفريد. إن مراقبة هذه التغييرات يمكن أن تكون جزءًا ممتعًا من رحلة الأمومة والأبوة، مع التأكيد دائمًا على ضرورة استشارة المتخصصين في حال وجود أي مخاوف صحية.

الأكثر بحث حول "متى يظهر لون عيون الطفل الحقيقي"

اترك التعليق