ما هي اضرار المحليات الصناعية

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الجمعة 7 نوفمبر 2025 - 6:06 مساءً

المحليات الصناعية: هل البدائل الحلوة تحمل طعمًا مرًا؟

في عصر يبحث فيه الكثيرون عن بدائل صحية للسكر التقليدي، أصبحت المحليات الصناعية خيارًا شائعًا في العديد من المنتجات الغذائية والمشروبات. تُقدم هذه المواد، التي غالبًا ما تكون أقل بكثير في السعرات الحرارية أو خالية منها تمامًا، وعدًا بجعل الأطعمة والحلويات أكثر “صحة” أو مناسبة لمن يتبعون حميات غذائية خاصة. ومع ذلك، فإن هذه البدائل الحلوة قد لا تكون بالبساطة التي تبدو عليها، وهناك تساؤلات متزايدة حول الآثار الصحية طويلة الأمد لاستهلاكها.

ما هي المحليات الصناعية؟

المحليات الصناعية، وتُعرف أيضًا بالمُحليات الاصطناعية أو البدائل السكرية، هي مركبات كيميائية تُستخدم لإضفاء طعم حلو على الأطعمة والمشروبات. تختلف هذه المحليات عن السكريات الطبيعية مثل السكروز (سكر المائدة) والفركتوز (سكر الفاكهة) في تركيبها الكيميائي وقدرتها على منح الحلاوة، وغالبًا ما تكون أقوى بكثير من السكر، مما يعني أن كميات صغيرة جدًا تكفي لإعطاء نفس درجة الحلاوة. تشمل الأمثلة الشائعة السكرين، الأسبارتام، السكرالوز، الأسيسولفام البوتاسيوم، والنيوتام.

مخاوف صحية حول المحليات الصناعية

على الرغم من أن الهيئات التنظيمية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) والوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA) قد وافقت على استخدام العديد من هذه المحليات بعد مراجعة الدراسات المتاحة، إلا أن النقاش حول سلامتها لا يزال مستمرًا. تثير الأبحاث، سواء التي أُجريت على الحيوانات أو بعض الدراسات البشرية، مخاوف بشأن تأثيراتها المحتملة على الصحة على المدى الطويل.

1. التأثير على الميكروبيوم المعوي

أحد المجالات التي يركز عليها البحث هو تأثير المحليات الصناعية على بكتيريا الأمعاء المفيدة، المعروفة بالميكروبيوم المعوي. أظهرت بعض الدراسات أن بعض المحليات الصناعية قد تغير توازن البكتيريا في الأمعاء، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية مختلفة. الميكروبيوم المعوي يلعب دورًا حاسمًا في الهضم، امتصاص العناصر الغذائية، تنظيم جهاز المناعة، وحتى التأثير على المزاج. أي اضطراب في هذا التوازن الدقيق قد تكون له عواقب بعيدة المدى.

2. الارتباط بزيادة الوزن واضطرابات الأيض

على عكس ما هو متوقع، تشير بعض الأبحاث إلى أن استهلاك المحليات الصناعية قد لا يساعد بالضرورة في إنقاص الوزن، بل قد يرتبط بزيادة الوزن في بعض الحالات. هناك عدة نظريات تفسر ذلك:

* **تضليل الجسم:** عندما يتذوق الجسم طعمًا حلوًا دون الحصول على السعرات الحرارية المتوقعة، قد يؤدي ذلك إلى خلل في الاستجابة الهرمونية الطبيعية المرتبطة بتنظيم الشهية. قد يشعر الجسم بالجوع أكثر بعد تناول هذه الأطعمة.
* **التأثير على إشارات الشبع:** قد تؤثر المحليات الصناعية على إشارات الشبع التي يرسلها الدماغ، مما يجعل الشخص يشعر بالجوع بسهولة أكبر.
* **تغيير تفضيلات الطعام:** قد يعتاد الجسم على الطعم الحلو الشديد للمحليات الصناعية، مما يجعله أقل تقبلاً للطعم الطبيعي للأطعمة الصحية مثل الفواكه والخضروات.

بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسات تربط بين الاستهلاك المنتظم للمحليات الصناعية وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني واضطرابات الأيض الأخرى، وهو ما يبدو متناقضًا نظرًا لاستخدامها غالبًا كبديل للسكر للأشخاص المعرضين لهذه المخاطر.

3. التأثير المحتمل على الصحة العصبية

بعض المحليات، مثل الأسبارتام، أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على الصحة العصبية. على الرغم من أن الأبحاث الحالية لم تثبت بشكل قاطع علاقة سببية مباشرة بين الأسبارتام ومشاكل عصبية خطيرة مثل الصداع أو مشاكل الذاكرة لدى معظم السكان، إلا أن بعض الأفراد قد يكونون أكثر حساسية لهذه التأثيرات. يجب إجراء المزيد من الدراسات لتوضيح هذه العلاقة بشكل أكبر.

4. مخاوف بشأن السرطان

كانت هناك مخاوف سابقة حول ارتباط المحليات الصناعية، وخاصة السكرين، بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، بناءً على دراسات أجريت على الحيوانات في عقود سابقة. ومع ذلك، أشارت مراجعات أحدث للدراسات إلى عدم وجود دليل قوي وموثوق يربط بين استهلاك المحليات الصناعية المعتمدة والسرطان لدى البشر بالجرعات المعتمدة. ومع ذلك، يظل هذا موضوعًا حساسًا للكثيرين.

5. التأثير على الصحة الإنجابية

تشير بعض الأبحاث الأولية إلى احتمالية وجود تأثيرات للمحليات الصناعية على الصحة الإنجابية، خاصة لدى الرجال، وقد تؤثر على جودة الحيوانات المنوية. ومع ذلك، فإن هذه الدراسات غالبًا ما تكون محدودة النطاق وتحتاج إلى مزيد من التأكيد من خلال أبحاث أوسع وأكثر شمولاً.

من هم الأكثر عرضة للمخاطر؟

الأطفال والنساء الحوامل قد يكونون أكثر عرضة للمخاطر المحتملة المرتبطة بالمحليات الصناعية، نظرًا لأن أجسامهم في مراحل نمو وتطور حساسة. لذلك، غالبًا ما تُنصح هذه الفئات بالاعتدال الشديد أو تجنب استهلاك المنتجات التي تحتوي على هذه المحليات.

البدائل الصحية والطبيعية

في ضوء هذه المخاوف، يزداد الاهتمام بالبدائل الطبيعية للسكر، مثل ستيفيا، إريثريتول، وربما العسل أو شراب القيقب باعتدال. ومع ذلك، حتى هذه البدائل يجب استهلاكها بوعي. ستيفيا، على سبيل المثال، على الرغم من كونها نباتية، قد تسبب اضطرابات هضمية لدى البعض إذا تم استهلاكها بكميات كبيرة.

الخلاصة: الاعتدال هو المفتاح

في النهاية، يبدو أن المفتاح لفهم العلاقة بين المحليات الصناعية والصحة يكمن في الاعتدال والوعي. في حين أن هذه المحليات قد توفر بديلاً للسكر للأفراد الذين يحتاجون إلى التحكم في استهلاكهم للسعرات الحرارية أو إدارة حالات مثل مرض السكري، إلا أنه من الضروري عدم الاعتماد عليها بشكل مفرط. يجب على المستهلكين قراءة الملصقات الغذائية بعناية، وفهم المكونات، والسعي نحو نظام غذائي متوازن وغني بالأطعمة الكاملة. الأبحاث مستمرة، ومن المهم البقاء على اطلاع بأحدث الاكتشافات العلمية لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن ما نستهلكه.

الأكثر بحث حول "ما هي اضرار المحليات الصناعية"

اترك التعليق