ما اسباب زغللة العين والدوخة

كتبت بواسطة سعاد
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 12:16 مساءً

زغللة العين والدوخة: دلالات متقاطعة قد تنذر بحالات صحية تستدعي الانتباه

تُعد زغللة العين والدوخة من الأعراض الشائعة التي قد تصيب الأفراد من مختلف الأعمار، وغالباً ما يتم تجاهلها باعتبارها مجرد إرهاق عابر أو قلة نوم. إلا أن تكرار هذه الأعراض أو شدتها قد يشير إلى وجود مشاكل صحية أساسية تتراوح بين البسيطة والمعقدة، وتتطلب فهماً أعمق لأسبابها المحتملة. إن التشابك بين هاتين الظاهرتين يعود إلى طبيعة الجهاز العصبي والبصري المعقد والمتكامل، حيث تؤثر اضطرابات في أحد هذين النظامين بشكل مباشر على الآخر.

الأسباب المحتملة لزغللة العين

تتنوع الأسباب التي قد تؤدي إلى شعور زغللة العين، وهي حالة تتميز بفقدان وضوح الرؤية أو عدم القدرة على التركيز البصري. يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى عدة فئات رئيسية:

مشاكل الانكسار البصري

تُعد مشاكل الانكسار من أكثر الأسباب شيوعاً لزغللة العين، وتشمل:

  • قصر النظر (Myopia): حيث تتكون الصورة أمام شبكية العين بدلاً من عليها، مما يجعل الأجسام البعيدة ضبابية.
  • طول النظر (Hyperopia): حيث تتكون الصورة خلف شبكية العين، مما يجعل رؤية الأجسام القريبة ضبابية، وقد يؤثر على الرؤية البعيدة مع التقدم في العمر.
  • اللابؤرية (Astigmatism): يحدث هذا عندما لا يكون شكل القرنية أو العدسة منتظماً، مما يؤدي إلى انحراف الضوء وتكون صور متعددة ضبابية.
  • الشيخوخة البصرية (Presbyopia): وهي حالة طبيعية تحدث مع التقدم في العمر، حيث تفقد عدسة العين مرونتها، مما يصعب التركيز على الأجسام القريبة.

أمراض العيون الأخرى

إلى جانب مشاكل الانكسار، هناك أمراض أخرى تؤثر على العين وتسبب الزغللة:

  • جفاف العين (Dry Eye Syndrome): نقص في إنتاج الدموع أو تبخرها السريع يؤدي إلى عدم ترطيب كافٍ لسطح العين، مما يسبب إحساساً بالحرقة، والوخز، وزغللة الرؤية.
  • التهاب القرنية (Keratitis): التهاب يصيب القرنية، قد يكون ناتجاً عن عدوى بكتيرية، فيروسية، فطرية، أو إصابة، ويسبب ألماً، احمراراً، وحساسية للضوء، وزغللة في الرؤية.
  • إعتام عدسة العين (Cataracts): وهو تلبد يصيب عدسة العين، مما يقلل من مرور الضوء ويؤدي إلى رؤية ضبابية أو ملونة، وزغللة مستمرة.
  • التهاب القزحية (Iritis): التهاب في الجزء الملون من العين (القزحية)، يسبب ألماً، احمراراً، حساسية للضوء، وزغللة.
  • الزرق (Glaucoma): وهو مرض يؤثر على العصب البصري، وغالباً ما يرتبط بارتفاع ضغط العين، وقد يتسبب في زغللة مفاجئة، خاصة في حالات الزرق الحاد.
  • التهاب الشبكية الصباغي (Retinitis Pigmentosa): وهو مرض وراثي نادر يؤثر على خلايا الشبكية المسؤولة عن الرؤية الليلية والرؤية المحيطية، مما يؤدي إلى زغللة تدريجية وفقدان مجال الرؤية.

أسباب مرتبطة بالحالة العامة للجسم

لا تقتصر أسباب زغللة العين على مشاكل العين المباشرة، بل قد تكون مؤشراً لمشاكل صحية أوسع:

  • الصداع النصفي (Migraine): غالباً ما يسبق الصداع النصفي أو يصاحبه ما يُعرف بـ “الأورة البصرية” (Visual Aura)، والتي قد تتضمن رؤية أضواء وامضة، خطوط متعرجة، أو زغللة في الرؤية.
  • ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم: التغيرات المفاجئة أو المستمرة في ضغط الدم يمكن أن تؤثر على تدفق الدم إلى العين، مما يسبب زغللة مؤقتة.
  • مرض السكري (Diabetes): ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين (اعتلال الشبكية السكري)، مما يسبب زغللة، تغيرات في الرؤية، ونزيف.
  • نقص بعض الفيتامينات أو المعادن: مثل نقص فيتامين أ، الذي يلعب دوراً حيوياً في صحة العين، أو نقص فيتامينات ب.
  • بعض الأدوية: قد يكون لبعض الأدوية آثار جانبية تؤثر على الرؤية وتسبب الزغللة.
  • الإجهاد والتعب: الإرهاق البدني والعقلي، وقلة النوم، يمكن أن يؤديا إلى إجهاد العين وزغللة مؤقتة.

الأسباب المحتملة للدوخة

الدوخة هي شعور غير مريح قد يتراوح بين الإحساس بالدوار الخفيف، والشعور بأن الأرض تدور، أو فقدان التوازن. أسبابها متعددة ومتنوعة، وغالباً ما تتعلق بالجهاز الدهليزي في الأذن الداخلية، أو الجهاز العصبي المركزي، أو حتى الدورة الدموية.

مشاكل الأذن الداخلية (الجهاز الدهليزي)

تُعد الأذن الداخلية المسؤولة عن الشعور بالتوازن، وأي خلل فيها يؤدي مباشرة إلى الدوخة:

  • التهاب الأذن الداخلية (Vestibular Neuritis) أو التهاب العصب الدهليزي (Labyrinthitis): وهي حالات التهابية تصيب العصب الدهليزي أو الأذن الداخلية، وغالباً ما تنتج عن عدوى فيروسية، وتسبب دوخة شديدة ومفاجئة، قد يصاحبها غثيان وقيء.
  • دوار الوضعة الانتيابي الحميد (BPPV): هو السبب الأكثر شيوعاً للدوخة، وينتج عن تحرك بلورات كلسية صغيرة (otoconia) في قنوات الأذن الداخلية، مما يرسل إشارات خاطئة للدماغ عند تغيير وضعية الرأس، ويسبب نوبات دوخة قصيرة وشديدة.
  • مرض منيير (Meniere’s Disease): وهو اضطراب يؤثر على الأذن الداخلية، ويتميز بنوبات من الدوخة الشديدة، طنين في الأذن، فقدان السمع، وشعور بالامتلاء في الأذن.

مشاكل مرتبطة بالجهاز العصبي المركزي

الدماغ هو مركز التحكم الرئيسي للتوازن، وأي مشكلة فيه يمكن أن تسبب الدوخة:

  • الصداع النصفي الدهليزي (Vestibular Migraine): نوع من الصداع النصفي قد لا يصاحبه صداع شديد، ولكنه يسبب نوبات دوخة، وغثيان، وحساسية للضوء والصوت.
  • السكتة الدماغية (Stroke) أو النوبة الإقفارية العابرة (TIA): قد تكون الدوخة المفاجئة والشديدة، خاصة إذا كانت مصحوبة بأعراض عصبية أخرى مثل ضعف في جانب واحد من الجسم، صعوبة في الكلام، أو تدلي الوجه، علامة على حالة طارئة تتطلب تدخلاً طبياً فورياً.
  • أورام الدماغ: قد تضغط الأورام على مناطق في الدماغ مسؤولة عن التوازن، مسببة دوخة متزايدة.
  • التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis): يمكن أن يؤثر هذا المرض على الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي، مسبباً مجموعة واسعة من الأعراض بما في ذلك الدوخة.

مشاكل متعلقة بالدورة الدموية

التغيرات في تدفق الدم إلى الدماغ يمكن أن تسبب الدوخة:

  • انخفاض ضغط الدم الانتصابي (Orthostatic Hypotension): يحدث عندما ينخفض ضغط الدم بشكل كبير عند الوقوف بسرعة، مما يؤدي إلى شعور بالدوار أو الإغماء.
  • مشاكل القلب: عدم انتظام ضربات القلب (Arrhythmias) أو مشاكل صمامات القلب يمكن أن تقلل من تدفق الدم إلى الدماغ، مسببة الدوخة.
  • فقر الدم (Anemia): نقص خلايا الدم الحمراء يقلل من كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ، مما قد يسبب الدوخة والشعور بالإعياء.

أسباب أخرى للدوخة

  • القلق والتوتر: قد تسبب نوبات الهلع أو القلق الشديد شعوراً بالدوار، وعدم الاستقرار، وضيق التنفس.
  • بعض الأدوية: العديد من الأدوية، بما في ذلك أدوية ضغط الدم، مضادات الاكتئاب، والمهدئات، يمكن أن تسبب الدوخة كأثر جانبي.
  • الجفاف: نقص السوائل في الجسم يمكن أن يؤثر على ضغط الدم وحجم الدم، مما يؤدي إلى الدوخة.
  • انخفاض نسبة السكر في الدم (Hypoglycemia): عدم تناول الطعام لفترات طويلة أو الإصابة بالسكري قد يؤدي إلى انخفاض حاد في سكر الدم، مسبباً الدوخة، والتعرق، والارتعاش.

التشابك بين زغللة العين والدوخة

غالباً ما تحدث زغللة العين والدوخة معاً، وهذا ليس أمراً مفاجئاً نظراً للطبيعة المتكاملة للجهاز البصري والعصبي. بعض الأسباب المشتركة تشمل:

  • الصداع النصفي: كما ذكرنا، الأورة البصرية المصاحبة للصداع النصفي قد تتضمن زغللة، بينما قد يعاني البعض من دوخة شديدة أثناء النوبة.
  • انخفاض أو ارتفاع ضغط الدم: التغيرات الحادة في ضغط الدم يمكن أن تؤثر على كل من تدفق الدم إلى العين والدماغ، مسببة رؤية ضبابية وشعوراً بالدوار.
  • الجفاف: يؤثر على حجم الدم وضغطه، مما قد يسبب أعراضاً بصرية وعصبية.
  • بعض الأدوية: يمكن أن تؤثر على كل من الوظائف البصرية والدهليزية.
  • أمراض الجهاز العصبي المركزي: مثل السكتات الدماغية أو التصلب المتعدد، يمكن أن تؤثر على مناطق الدماغ المسؤولة عن كل من الرؤية والتوازن.
  • مرض السكري: اعتلال الشبكية السكري يمكن أن يسبب زغللة، بينما يمكن أن تؤثر مضاعفات السكري على الأعصاب الطرفية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالتوازن.
  • الإجهاد والتعب الشديد: يمكن أن يسبب إجهاد العين وزغللة، بالإضافة إلى الشعور بالإرهاق العام والدوخة.

متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

على الرغم من أن زغللة العين والدوخة قد تكون عرضية، إلا أنه من الضروري استشارة الطبيب في الحالات التالية:

  • إذا كانت الأعراض مفاجئة وشديدة.
  • إذا كانت مصحوبة بأعراض عصبية أخرى مثل ضعف في الكلام، خدر، صعوبة في المشي، أو صداع شديد.
  • إذا كانت الأعراض مستمرة وتؤثر على الحياة اليومية.
  • إذا كانت هناك تغيرات مفاجئة في الرؤية أو السمع.
  • إذا كنت تعاني من أمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

إن التشخيص الدقيق يتطلب تقييماً طبياً شاملاً يشمل التاريخ المرضي، الفحص البدني، وفحوصات إضافية إذا لزم الأمر، مثل فحص العين، قياس ضغط الدم، فحوصات الدم، أو حتى التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ. فهم هذه الأعراض والبحث عن أسبابها الكامنة هو الخطوة الأولى نحو استعادة العافية والتمتع بحياة طبيعية.

اترك التعليق