قلة حركة الجنين في الشهر الثامن

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 9:35 صباحًا

الشهر الثامن من الحمل: فهم قلة حركة الجنين وما يستدعي القلق

يُعد الشهر الثامن من الحمل مرحلة حاسمة ومليئة بالترقب، حيث تقترب الأم من اللحظة المنتظرة لرؤية مولودها الجديد. ومع اقتراب نهاية الرحلة، قد تلاحظ الأم تغيرات في حركة جنينها. في حين أن بعض التغيرات طبيعية، فإن قلة حركة الجنين في الشهر الثامن قد تثير القلق لدى العديد من الأمهات. من الضروري فهم الأسباب المحتملة، وكيفية تقييم الوضع، ومتى يجب طلب المساعدة الطبية لضمان سلامة الأم والجنين.

تغير طبيعة حركة الجنين في الشهر الثامن

مع نمو الجنين وزيادة حجمه، تبدأ المساحة المتاحة له في الرحم بالضيق. هذا التغير الفيزيائي يؤثر بشكل مباشر على نوعية حركة الجنين. فبدلاً من الركلات والرفسات القوية التي كانت تميز الأشهر السابقة، قد تتحول الحركة إلى تململ، وتقلبات، وشعور بالضغط. هذا لا يعني بالضرورة قلة الحركة، بل هو تغير في طبيعتها. يمكن للجنين أن يتخذ وضعية استعدادًا للولادة، مما قد يحد من حركته الواسعة. كما أن نمو الأعضاء وتطورها، بما في ذلك الجهاز العصبي، قد يؤدي إلى تنظيم أكبر لحركته.

ما الذي يُعتبر “قلة حركة”؟

يختلف إحساس الأمهات بالحركة من واحدة لأخرى. ولكن بشكل عام، يعتبر انخفاض ملحوظ ومفاجئ في عدد مرات وحجم حركة الجنين هو ما يُقلق. غالبًا ما يُنصح الأمهات في الشهر الثامن بالانتباه إلى نمط حركة جنينهن. إذا لاحظت الأم أن حركة جنينها أصبحت أقل بكثير مما كانت عليه في الأيام السابقة، أو إذا مرت ساعات طويلة دون الشعور بأي حركة على الإطلاق، فهذا يستدعي الانتباه.

علامات قد تشير إلى قلة حركة الجنين

* **انخفاض كبير ومفاجئ في عدد الحركات:** إذا كانت الأم معتادة على الشعور بحركات متعددة كل ساعة، وشعرت بقلة واضحة في هذه الحركات.
* **ضعف شديد في الحركات:** قد تكون الحركات لا تزال موجودة، ولكنها أصبحت ضعيفة جدًا بحيث يصعب تمييزها.
* **فترات طويلة من عدم الشعور بالحركة:** إذا مرت عدة ساعات (عادة ما يتم تحديدها بـ 12 ساعة أو أكثر) دون الشعور بأي حركة واضحة.

الأسباب المحتملة لقلة حركة الجنين في الشهر الثامن

هناك عدة عوامل قد تساهم في شعور الأم بقلة حركة جنينها في الشهر الثامن:

1. ضيق المساحة في الرحم

كما ذكرنا سابقًا، مع نمو الجنين، تصبح المساحة داخل الرحم محدودة. هذا يقلل من قدرة الجنين على القيام بحركات واسعة أو دوران كامل. قد يكتفي الجنين بالتململ، أو تغيير وضعيته، أو تحريك أطرافه. هذا التغير في طبيعة الحركة طبيعي تمامًا ولا يدعو للقلق بحد ذاته.

2. وضعية الجنين

قد يتخذ الجنين وضعية معينة داخل الرحم تؤثر على شعور الأم بحركته. على سبيل المثال، إذا كان الجنين في وضعية يكون فيها ظهره مواجهًا لبطن الأم، فقد تكون حركاته أقل وضوحًا.

3. نقص السائل الأمنيوسي (Oligohydramnios)

السائل الأمنيوسي هو السائل الذي يحيط بالجنين داخل كيس الأمنيوس. يلعب هذا السائل دورًا حيويًا في حماية الجنين، وتوفير بيئة دافئة، والسماح له بالحركة بحرية. في حالات نقص السائل الأمنيوسي، قد تكون حركة الجنين محدودة، وقد يشعر الأم بقلة في حركته. هذا يعتبر حالة طبية تتطلب تقييمًا وعلاجًا.

4. مشاكل في المشيمة

المشيمة هي العضو الذي يوفر الأكسجين والمواد الغذائية للجنين. إذا لم تعمل المشيمة بكفاءة، فقد يؤثر ذلك على نمو الجنين وصحته، وبالتالي على حركته. قد تتضمن المشاكل في المشيمة قصور المشيمة أو انفصال المشيمة المبكر.

5. مشاكل صحية لدى الأم

بعض الحالات الصحية لدى الأم قد تؤثر على حركة الجنين. على سبيل المثال:
* **ارتفاع ضغط الدم (Pregnancy-induced hypertension or pre-eclampsia):** يمكن أن يؤثر على تدفق الدم إلى المشيمة.
* **داء السكري (Diabetes):** خاصة إذا لم يكن مضبوطًا بشكل جيد، قد يؤثر على نمو الجنين.
* **التعرض للمواد الضارة:** مثل التدخين أو الكحول.

6. مشاكل صحية لدى الجنين

في حالات نادرة، قد تكون قلة حركة الجنين علامة على وجود مشكلة صحية لدى الجنين نفسه، مثل:
* **عيوب خلقية.**
* **نقص الأكسجين (Hypoxia).**
* **عدوى.**

7. توقيت الحركة

قد يكون الجنين في مرحلة نوم عميق. مثل البشر، يمر الجنين بدورات نوم واستيقاظ. خلال فترة النوم، قد تكون حركته أقل.

كيفية تقييم حركة الجنين في المنزل

تنصح العديد من الأمهات بمحاولة “عد حركات الجنين” إذا شعرن بانخفاض في نشاطه. إليك بعض النصائح:

* **الاستلقاء على جانبك الأيسر:** يساعد هذا الوضع على تحسين تدفق الدم إلى الرحم.
* **التركيز على الشعور بالحركة:** حاولي الابتعاد عن المشتتات والتركيز على الإحساس بحركة جنينك.
* **تناول وجبة خفيفة أو شرب شيء حلو:** قد يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى تحفيز حركة الجنين.
* **عد الحركات:** ابدئي العد من لحظة شعورك بأول حركة واضحة. الهدف هو الشعور بحوالي 10 حركات في فترة زمنية معينة (عادة ما يتم تحديدها بساعتين).
* **تسجيل الأوقات:** سجلي الأوقات التي تشعرين فيها بالحركة، وعدد الحركات في كل فترة.

متى يجب استشارة الطبيب فورًا؟

لا تترددي أبدًا في التواصل مع طبيبك أو التوجه إلى غرفة الطوارئ إذا شعرت بأي من الأمور التالية:

* **قلة ملحوظة ومستمرة في حركة الجنين:** إذا لم تشعري بحركة كافية بعد محاولة تحفيزها.
* **توقف تام في حركة الجنين:** حتى لو لفترة قصيرة.
* **أي قلق أو شعور بعدم الارتياح بشأن حركة جنينك:** ثقي بحدسك كأم.

ماذا يحدث عند زيارة الطبيب؟

عندما تستشيرين طبيبك بشأن قلة حركة الجنين، سيقوم بإجراء عدة فحوصات لتقييم حالة الجنين، والتي قد تشمل:

* **التاريخ الطبي والفحص البدني:** سيطرح الطبيب أسئلة حول تاريخ حملك، وأي أعراض أخرى تعانين منها، وسيقوم بفحصك.
* **مراقبة نبضات قلب الجنين (Fetal Heart Rate Monitoring):** باستخدام جهاز دوبلر أو جهاز مراقبة الجنين (CTG)، سيستمع الطبيب إلى نبضات قلب جنينك للتأكد من أنها منتظمة وفي المعدل الطبيعي.
* **الموجات فوق الصوتية (Ultrasound):** قد يطلب الطبيب إجراء موجات فوق صوتية لتقييم:
* **حجم الجنين ووزنه.**
* **كمية السائل الأمنيوسي.**
* **حركة الجنين ووضعيته.**
* **وظيفة المشيمة.**
* **اختبار عدم الإجهاد (Non-Stress Test – NST):** يقيس هذا الاختبار استجابة نبضات قلب الجنين لحركته.
* **اختبار التوتر (Stress Test):** قد يتم إجراؤه في بعض الحالات لتقييم كيفية استجابة الجنين لانقباضات الرحم.

الوقاية والرعاية المستمرة

الرعاية الصحية المنتظمة خلال فترة الحمل هي المفتاح لاكتشاف أي مشاكل مبكرًا. تأكدي من حضور جميع مواعيدك الطبية، والتحدث بصراحة مع طبيبك عن أي مخاوف لديك. اتباع نمط حياة صحي، بما في ذلك التغذية المتوازنة، والراحة الكافية، وتجنب المواد الضارة، يلعب دورًا كبيرًا في صحة الأم والجنين.

في الختام، في حين أن قلة حركة الجنين في الشهر الثامن قد تكون مدعاة للقلق، فإن فهم الأسباب المحتملة واتباع الإرشادات الطبية يمكن أن يطمئن الأمهات ويضمن سلامة الحمل. لا تترددي أبدًا في طلب المساعدة الطبية عند الحاجة، فصحة طفلك هي الأولوية القصوى.

اترك التعليق