جدول المحتويات
قصة فرعون: رحلة عبر الزمن للأطفال
في قديم الزمان، في أرض مصر الخضراء، عاش ملك عظيم وقوي جدًا اسمه فرعون. لم يكن مجرد ملك عادي، بل كان يُعتبر نفسه إلهًا، وكان الناس يخافونه ويطيعونه طاعة عمياء. كان فرعون يعيش في قصر فخم، محاطًا بالذهب والمجوهرات، وكان يرتدي ملابس فاخرة. لكن وراء كل هذه الفخامة، كانت هناك قصة عظيمة عن الإيمان والتحدي، قصة ستُروى للأطفال لتتعلم منها الأجيال.
ظهور موسى: بشير الخير والهدى
في عصر فرعون، كانت هناك ظلم كبير ومعاناة بين الناس. كان فرعون يفرض قوانين قاسية، ويستغل ضعف الآخرين. وفي هذه الأجواء، ولد طفل مميز في بيت متواضع. كان هذا الطفل هو موسى، الذي اختاره الله ليحمل رسالة الحق والعدل. لكن فرعون كان قد أمر بقتل كل الأطفال الذكور خوفًا من نبوءة تقول إن أحدهم سيقضي على ملكه.
موسى في قصر فرعون: حكمة القدر
بأمر من الله، وضعت أم موسى ابنها في سلة صغيرة وألقته في نهر النيل. لم يكن هذا تصرفًا يائسًا، بل كان ثقة في تدبير الله. سبحت السلة حتى وصلت إلى قصر فرعون، وهناك وجدتها زوجة فرعون، امرأة صالحة، وأحبت الطفل. رغم أن فرعون كان عدوًا، إلا أن القدر شاء أن يكبر موسى في بيته، بعيدًا عن الأذى، ويحظى بالرعاية. هذه كانت بداية حكمة القدر، وكيف يمكن للخير أن ينمو حتى في أحلك الظروف.
موسى يكبر: بين القصر والنبوة
كبر موسى في قصر فرعون، وكان يتمتع بالذكاء والقوة. لكنه لم ينسَ أصوله، وكان يشعر بالظلم الذي يقع على قومه. في يوم من الأيام، وبينما كان يمشي في المدينة، رأى رجلًا من قومه يتعرض للظلم من رجل آخر. غضب موسى، وفي محاولة للدفاع عن الرجل المظلوم، ضرب الرجل الظالم بقوة، مما أدى إلى موته. شعر موسى بالندم الشديد، وأدرك أنه ارتكب خطأ.
موسى يخرج من مصر: رحلة نحو الرسالة
بعد هذا الحادث، خاف موسى على نفسه، وقرر أن يغادر مصر. سافر مسافة طويلة حتى وصل إلى أرض مدين. هناك، التقى بشعيب، الرجل الصالح الذي كان يعمل راعيًا. تزوج موسى من ابنة شعيب، وعاش معهم حياة بسيطة وهادئة. خلال هذه الفترة، كان موسى يتأمل ويتفكر، وكان الله يعده لرسالة عظيمة.
لقاء الله: تكليف موسى بالنبوة
في يوم من الأيام، وبينما كان موسى يرعى الغنم بالقرب من جبل الطور، رأى نارًا تتوهج من شجرة. اقترب منها لكي يقتبس منها نارًا، ولكنه سمع صوتًا عظيمًا يناديه. كان هذا الصوت هو صوت الله، الذي كلفه بالنبوة وأمره بالذهاب إلى فرعون لدعوته لعبادة الله الواحد الأحد، وترك الظلم. أعطى الله موسى معجزات عظيمة، مثل عصاه التي تتحول إلى حية، ويده التي تخرج بيضاء كالنور، ليتمكن من إقناع فرعون وقومه.
موسى وفرعون: صراع الحق والباطل
عاد موسى إلى مصر، ومعه أخوه هارون، وبدأت رحلة التحدي. ذهب موسى وهارون إلى فرعون، ودعواه إلى الإيمان بالله. لكن فرعون كان متكبرًا وعنيدًا، ورفض دعوتهما. زعم فرعون أنه هو الإله الأكبر، واستمر في ظلمه. واجه موسى فرعون بالمعجزات، وطلب منه أن يسمح لبني إسرائيل بالخروج معه، لكن فرعون رفض.
العقوبات الإلهية: علامات العبرة
عندما استمر فرعون في ظلمه وعناده، أرسل الله على قومه وعلى مصر عقوبات مختلفة، تُعرف بـ “الآيات” أو “العقوبات التسع”. كانت هذه العقوبات علامات تحذيرية لفرعون وقومه، ليُظهر لهم قوة الله، ولعلهم يفيقون من غفلتهم. شملت هذه العقوبات:
* **الطوفان:** مياه غزيرة أغرقت الأراضي.
* **الجراد:** أسراب الجراد التي أكلت الزرع.
* **القمّل:** حشرات صغيرة انتشرت في كل مكان.
* **الضفادع:** أعداد هائلة من الضفادع غطت البيوت.
* **الدم:** تحول الماء إلى دم.
* **الحجر:** أمطار حجرية.
* **الظلام:** ظلام دامس يخيم على البلاد.
* **الصواعق:** برق ورعد شديد.
* **الموت:** انتشار الوباء.
كانت هذه العقوبات تزداد شدة، وكان فرعون كلما وعد بالتوبة، يعود إلى عناده بعد زوال العقوبة.
موسى يخرج ببني إسرائيل: نهاية الظلم
بعد كل هذه الآيات، وبعد أن استنفد فرعون كل أعذاره، أذن الله لموسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر. في ليلة مظلمة، قاد موسى قومه خارجين من مصر، وهم خائفون من فرعون وجنوده. عندما علم فرعون بخروجهم، جمع جيشه العظيم ولحق بهم.
عبور البحر: معجزة الانقاذ
وصل موسى وقومه إلى البحر الأحمر، ولم يكن أمامهم إلا الماء. شعر بنو إسرائيل بالخوف الشديد، وقالوا: “إنا لمدركون”. لكن موسى، بثقة كاملة بالله، قال لهم: “كلا إن معي ربي سيهدين”. بأمر من الله، ضرب موسى البحر بعصاه، فانشق البحر إلى قسمين، وظهر طريق جاف في وسطه. سار بنو إسرائيل عبر البحر، ووصلوا إلى الضفة الأخرى بأمان.
نهاية فرعون وجنوده: درس في العبرة
ما إن عبر آخر بني إسرائيل، حتى أمر الله البحر أن يعود كما كان. غرق فرعون وجنوده في البحر، ولم ينجُ منهم أحد. كانت هذه نهاية الظالم والمتكبر، وكانت عبرة عظيمة لكل من يرفض الحق ويتكبر على خالقه.
الدروس المستفادة للأطفال
قصة موسى وفرعون تعلمنا الكثير. تعلمنا أن الإيمان بالله والثقة به هما أقوى سلاح. تعلمنا أن الظلم لا يدوم، وأن الحق سينتصر في النهاية. تعلمنا أن التكبر والعناد يؤديان إلى الهلاك، وأن التوبة والاستغفار هما مفتاح النجاة. هذه القصة تذكرنا بأن الله دائمًا مع المظلومين، وأنه ينصر عباده الصالحين. إنها قصة عن الشجاعة، والصبر، والإيمان، وهي قصة تستحق أن تُروى للأطفال ليتعلموا منها قيمًا نبيلة.
