سبب نقص الوزن عند الاطفال

كتبت بواسطة صفاء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 12:38 مساءً

فهم أسباب نقص الوزن عند الأطفال: دليل شامل للآباء والمربين

يُعدّ الوزن المثالي للأطفال مؤشرًا حيويًا على صحتهم ونموهم السليم. وعندما يواجه الطفل نقصًا في الوزن، فإن ذلك يثير قلق الوالدين ويدفعهم للبحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة. إن فهم العوامل المختلفة التي تساهم في نقص الوزن لدى الأطفال أمر بالغ الأهمية للتدخل المبكر وتوفير الرعاية اللازمة لضمان مستقبل صحي لهم.

التغذية غير الكافية: حجر الزاوية في نقص الوزن

تُعتبر الأسباب المتعلقة بالتغذية هي الأكثر شيوعًا في حالات نقص الوزن عند الأطفال. ينبع ذلك من عدة عوامل متداخلة:

قلة السعرات الحرارية المتناولة

في بعض الأحيان، لا يتناول الطفل كمية كافية من الطعام لتلبية احتياجاته من الطاقة. قد يكون ذلك نتيجة لعدة أسباب، منها:

* **الشهية الضعيفة:** قد يعاني بعض الأطفال من ضعف في الشهية لأسباب نفسية أو جسدية. قد يكونون ببساطة غير مهتمين بالطعام، أو قد يكون لديهم حساسية تجاه أطعمة معينة تجعلهم يتجنبونها.
* **صعوبة البلع أو المضغ:** بعض الحالات الطبية، مثل اضطرابات النمو أو مشاكل الأسنان، يمكن أن تجعل عملية تناول الطعام مؤلمة أو صعبة، مما يقلل من كمية الطعام التي يتناولها الطفل.
* **النظام الغذائي غير المتوازن:** حتى لو كان الطفل يتناول كميات كبيرة من الطعام، إلا أن عدم احتوائه على العناصر الغذائية الضرورية والسعرات الحرارية الكافية يمكن أن يؤدي إلى نقص الوزن. الاعتماد على الأطعمة المصنعة أو قليلة القيمة الغذائية هو سبب رئيسي هنا.
* **العادات الغذائية السيئة:** قد يعتاد بعض الأطفال على تناول وجبات خفيفة غير صحية بين الوجبات الرئيسية، مما يقلل من شهيتهم للطعام المغذي.

سوء امتصاص العناصر الغذائية

حتى لو تناول الطفل طعامًا كافيًا، فإن بعض الحالات الطبية يمكن أن تعيق قدرة جسمه على امتصاص العناصر الغذائية الهامة. من أبرز هذه الحالات:

* **أمراض الجهاز الهضمي:** مثل الداء الزلاقي (حساسية القمح) أو أمراض التهاب الأمعاء (مثل داء كرون والتهاب القولون التقرحي)، والتي تؤثر بشكل مباشر على قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية.
* **التهابات الأمعاء الطفيلية:** مثل الديدان المعوية، التي تتغذى على العناصر الغذائية في أمعاء الطفل، مما يحرم جسمه منها.
* **قصور البنكرياس:** حيث لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الإنزيمات الهضمية اللازمة لتكسير الطعام وامتصاصه.

المشاكل الصحية المزمنة: بصمة واضحة على الوزن

تُعدّ الأمراض المزمنة من الأسباب الهامة التي قد تؤدي إلى نقص الوزن لدى الأطفال، حيث تستهلك طاقة الجسم بشكل مستمر وتؤثر على الشهية والامتصاص:

أمراض الغدد الصماء

* **فرط نشاط الغدة الدرقية:** هذه الحالة تزيد من معدل الأيض في الجسم، مما يعني أن الجسم يحرق السعرات الحرارية بسرعة أكبر، حتى في حالة الراحة، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.
* **داء السكري غير المنضبط:** في حال عدم السيطرة على مستويات السكر في الدم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان الوزن، حيث لا يتمكن الجسم من استخدام الجلوكوز بكفاءة للحصول على الطاقة.

أمراض القلب والرئة

* **أمراض القلب الخلقية:** تتطلب من القلب بذل مجهود أكبر لضخ الدم، مما يزيد من استهلاك الطاقة ويقلل من قدرة الطفل على النمو بشكل طبيعي.
* **أمراض الجهاز التنفسي المزمنة:** مثل الربو الشديد أو التليف الكيسي، والتي تتطلب مجهودًا إضافيًا للتنفس، مما يزيد من استهلاك السعرات الحرارية.

أمراض الكلى

يمكن أن تؤثر أمراض الكلى على الشهية وتوازن السوائل والمعادن في الجسم، مما قد يؤدي إلى نقص الوزن.

السرطان

بعض أنواع السرطان، وخاصة تلك التي تؤثر على الجهاز الهضمي أو تزيد من عمليات الأيض، يمكن أن تسبب فقدان الوزن بشكل ملحوظ.

العوامل النفسية والاجتماعية: تأثير خفي ولكن قوي

لا يمكن إغفال دور العوامل النفسية والاجتماعية في التأثير على وزن الطفل، فهذه العوامل قد تكون خفية ولكنها ذات تأثير كبير:

* **التوتر والقلق:** قد يعاني الأطفال الذين يعيشون في بيئات متوترة أو يمرون بتجارب صعبة من فقدان الشهية أو مشاكل في الهضم، مما ينعكس على وزنهم.
* **الاكتئاب:** يلعب الاكتئاب دورًا هامًا في تقليل الشهية والرغبة في تناول الطعام، وبالتالي يؤدي إلى نقص الوزن.
* **اضطرابات الأكل:** على الرغم من أنها أكثر شيوعًا لدى المراهقين، إلا أن بعض اضطرابات الأكل يمكن أن تبدأ في سن مبكرة، وتؤثر بشكل مباشر على كمية الطعام التي يتناولها الطفل.
* **مشاكل في العلاقة مع الوالدين أو مقدمي الرعاية:** قد يكون هناك رفض للأكل كوسيلة لجذب الانتباه أو التعبير عن الاستياء.
* **البيئة المدرسية:** التنمر أو الضغوط الاجتماعية في المدرسة يمكن أن تؤثر على الحالة النفسية للطفل وبالتالي على شهيته.

العوامل الوراثية: دور لا يمكن تجاهله

في بعض الحالات، قد يكون لدى الطفل استعداد وراثي ليكون نحيفًا. قد يرث الطفل جينات من والديه تجعل معدل الأيض لديه مرتفعًا بشكل طبيعي، أو قد يكون لديه هيكل جسم نحيف بطبيعته. ومع ذلك، يجب دائمًا استبعاد الأسباب الأخرى قبل اعتبار الوراثة هي السبب الوحيد.

أهمية التدخل المبكر والرعاية المتخصصة

إن ملاحظة أي نقص في وزن الطفل أو تباطؤ في نموه هو أمر يستدعي استشارة طبيب الأطفال. سيقوم الطبيب بتقييم الحالة بشكل شامل، بما في ذلك التاريخ الطبي للطفل، وفحص بدني دقيق، وقد يطلب إجراء بعض الفحوصات المخبرية أو التصويرية لتحديد السبب الدقيق.

يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء نقص الوزن. قد يشمل ذلك:

* **تعديل النظام الغذائي:** زيادة السعرات الحرارية والعناصر الغذائية من خلال وجبات متوازنة وغنية، وربما استخدام مكملات غذائية تحت إشراف طبي.
* **علاج الأمراض الأساسية:** إذا كان نقص الوزن ناتجًا عن حالة طبية، فإن علاج هذه الحالة هو الأولوية.
* **الدعم النفسي:** في حال كانت هناك عوامل نفسية مؤثرة، قد يحتاج الطفل إلى دعم نفسي أو استشارة أخصائي.

باختصار، نقص الوزن عند الأطفال هو عرض قد يشير إلى مجموعة واسعة من المشاكل. يتطلب فهم هذه الأسباب جهداً مشتركاً من الوالدين، مقدمي الرعاية، والأخصائيين الصحيين لضمان حصول الطفل على الدعم اللازم لينمو بصحة جيدة.

اترك التعليق