سبب نقص الوزن اثناء الحمل

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 12:39 مساءً

أسباب نقص الوزن غير الطبيعي أثناء الحمل: دليل شامل للأمهات

يُعد الحمل فترة حاسمة في حياة المرأة، تتطلب اهتمامًا خاصًا بصحتها وصحة الجنين النامي. غالبًا ما يُنظر إلى زيادة الوزن خلال فترة الحمل كعلامة صحية، ولكن ما يحدث عندما تفقد الأم الحامل وزنها أو لا تكتسبه بالقدر الكافي؟ قد يكون نقص الوزن غير المبرر أثناء الحمل مصدر قلق كبير، حيث يمكن أن يشير إلى مشاكل صحية أساسية قد تؤثر على الأم والجنين. في هذا المقال، سنتعمق في الأسباب المحتملة لنقص الوزن أثناء الحمل، ونقدم معلومات شاملة لمساعدة الأمهات على فهم هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها.

لماذا يجب أن تقلق الأم الحامل بشأن نقص الوزن؟

خلال فترة الحمل، يتوقع من المرأة أن تكتسب وزنًا تدريجيًا لدعم نمو الجنين، وزيادة حجم الرحم، وتكوين المشيمة، وتخزين الدهون اللازمة للرضاعة. النقص في هذا الاكتساب، أو حتى فقدان الوزن، قد يشير إلى أن الجسم لا يحصل على ما يكفي من العناصر الغذائية والطاقة اللازمة لهذه العمليات الحيوية. هذا النقص يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك:

  • نمو جنيني مقيد (IUGR): قد لا يحصل الجنين على العناصر الغذائية الكافية للنمو بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى ولادته بوزن أقل من المعدل الطبيعي.
  • الولادة المبكرة: قد يكون نقص الوزن علامة على أن الجسم غير مستعد لتحمل الحمل حتى موعده المحدد.
  • زيادة خطر الإصابة بالعدوى: قد يؤثر نقص التغذية على جهاز المناعة للأم، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
  • مشاكل صحية طويلة الأمد للطفل: يرتبط نقص الوزن عند الولادة بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة في وقت لاحق من الحياة.

الأسباب الشائعة لنقص الوزن أثناء الحمل

هناك مجموعة متنوعة من العوامل التي يمكن أن تساهم في نقص الوزن أثناء الحمل، تتراوح من الأسباب الفسيولوجية الطبيعية إلى الحالات الطبية الأكثر تعقيدًا.

1. الغثيان الشديد والقيء (وحام الحمل):

يعتبر الغثيان والقيء من الأعراض الشائعة جدًا في الثلث الأول من الحمل، وغالبًا ما يُعرف باسم “وحام الحمل”. في معظم الحالات، يكون الغثيان خفيفًا ومتقطعًا ولا يؤثر بشكل كبير على اكتساب الوزن. ومع ذلك، بالنسبة لبعض النساء، يمكن أن يكون الغثيان والقيء شديدين ومستمرين، مما يؤدي إلى حالة تُعرف باسم “القيء الحملي المفرط” (Hyperemesis Gravidarum). في هذه الحالة، تفقد المرأة كميات كبيرة من السوائل والعناصر الغذائية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن، والجفاف، واضطراب الكهارل، وقد يتطلب دخول المستشفى.

2. عدم كفاية تناول السعرات الحرارية والمغذيات:

قد تواجه بعض النساء صعوبة في تناول ما يكفي من الطعام لأسباب مختلفة، بما في ذلك:

  • فقدان الشهية: قد يؤدي التغيرات الهرمونية، أو القلق، أو حتى الشعور بالامتلاء المبكر بسبب ضغط الرحم المتزايد إلى فقدان الشهية.
  • الاختيارات الغذائية غير المتوازنة: الاعتماد على الأطعمة غير المغذية أو الوجبات السريعة قد يعني أن الأم لا تحصل على كمية كافية من السعرات الحرارية والمغذيات الأساسية، حتى لو كانت تتناول كميات كبيرة من الطعام.
  • القيود الغذائية: قد تتبع بعض النساء أنظمة غذائية خاصة (مثل النباتية الصارمة) دون تخطيط جيد، مما قد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية الضرورية.

3. مشاكل الجهاز الهضمي:

يمكن أن تؤثر بعض الحالات الطبية التي تؤثر على الجهاز الهضمي على قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية، مما يؤدي إلى نقص الوزن، حتى مع تناول كميات كافية من الطعام. تشمل هذه الحالات:

  • متلازمة القولون العصبي (IBS): يمكن أن تسبب أعراض مثل الإسهال أو الإمساك أو آلام البطن، مما يؤثر على الشهية وامتصاص العناصر الغذائية.
  • أمراض الأمعاء الالتهابية (IBD) مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي: يمكن أن تسبب هذه الحالات التهابًا مزمنًا في الأمعاء، مما يعيق امتصاص العناصر الغذائية ويؤدي إلى فقدان الوزن.
  • التعصب الغذائي وعدم تحمل بعض الأطعمة: قد يؤدي عدم تحمل اللاكتوز أو الغلوتين، على سبيل المثال، إلى تجنب بعض الأطعمة الأساسية، مما يؤثر على تناول المغذيات.

4. حالات طبية مزمنة:

هناك العديد من الحالات الطبية المزمنة التي يمكن أن تؤثر على الوزن أثناء الحمل، منها:

  • اضطرابات الغدة الدرقية: يمكن أن يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) إلى زيادة معدل الأيض وفقدان الوزن، حتى مع زيادة الشهية.
  • السكري (خاصة السكري من النوع الأول غير المنضبط): يمكن أن يؤدي عدم التحكم في مستويات السكر في الدم إلى فقدان الوزن.
  • أمراض الكلى أو الكبد: يمكن أن تؤثر هذه الحالات على الشهية والتمثيل الغذائي وقدرة الجسم على معالجة العناصر الغذائية.
  • بعض أنواع السرطان: على الرغم من ندرتها أثناء الحمل، إلا أن السرطان يمكن أن يسبب فقدان الوزن غير المبرر.

5. العوامل النفسية:

تلعب الصحة النفسية دورًا كبيرًا في الصحة البدنية. يمكن أن يؤثر التوتر الشديد، والقلق، والاكتئاب على الشهية والرغبة في تناول الطعام، مما يؤدي إلى نقص الوزن. قد تجد بعض النساء صعوبة في التكيف مع التغيرات الجسدية والنفسية للحمل، مما يؤثر على عاداتهن الغذائية.

6. اضطرابات الأكل:

للأسف، قد تعاني بعض النساء من اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) أو الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa) قبل الحمل أو أثناءه. هذه الاضطرابات خطيرة للغاية وتتطلب علاجًا متخصصًا، لأنها يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على صحة الأم والجنين.

7. العادات غير الصحية:

يمكن أن تساهم بعض العادات غير الصحية في نقص الوزن، مثل:

  • التدخين: يقلل التدخين من الشهية ويؤثر سلبًا على امتصاص العناصر الغذائية، بالإضافة إلى أضراره المعروفة على الجنين.
  • تعاطي المخدرات: يمكن أن تؤدي المواد المخدرة إلى فقدان الشهية، وتقليل امتصاص العناصر الغذائية، وتدهور الصحة العامة.

متى يجب على الأم الحامل استشارة الطبيب؟

من الضروري أن تتواصل الأم الحامل مع طبيبها أو مقدم الرعاية الصحية الخاص بها إذا لاحظت أيًا من الأمور التالية:

  • فقدان الوزن بشكل ملحوظ خلال أي مرحلة من مراحل الحمل.
  • عدم اكتساب الوزن المتوقع خلال فترة الحمل، خاصة بعد الثلث الأول.
  • الشعور بالغثيان والقيء الشديد والمستمر.
  • تغيرات كبيرة في الشهية أو عادات الأكل.
  • ظهور أعراض جديدة أو تفاقم أعراض حالات طبية موجودة.
  • الشعور بالإرهاق الشديد أو الضعف العام.

التشخيص والعلاج

سيقوم الطبيب بتقييم حالة الأم الحامل من خلال:

  • التاريخ الطبي والفحص البدني: سيطرح الطبيب أسئلة حول عادات الأكل، والأعراض، والتاريخ الطبي، ثم سيقوم بفحص شامل.
  • تحاليل الدم: قد تُطلب تحاليل دم للتحقق من مستويات العناصر الغذائية، ووظائف الغدة الدرقية، ومستويات السكر في الدم، وعلامات العدوى أو الالتهاب.
  • تحاليل البول: للتحقق من الجفاف أو علامات العدوى.
  • فحوصات أخرى: بناءً على الأعراض، قد يتم إجراء فحوصات أكثر تخصصًا مثل الموجات فوق الصوتية لتقييم نمو الجنين.

يعتمد العلاج على السبب الكامن وراء نقص الوزن. قد يشمل:

  • تغييرات في النظام الغذائي: تقديم نصائح حول تناول وجبات صغيرة ومتكررة، واختيار الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والمغذيات، واستخدام المكملات الغذائية عند الحاجة.
  • علاج الغثيان والقيء: وصف الأدوية المضادة للغثيان أو العلاجات الوريدية لتعويض السوائل والمغذيات المفقودة في حالات القيء الحملي المفرط.
  • علاج الحالات الطبية الأساسية: إذا كان نقص الوزن ناتجًا عن حالة طبية مزمنة، فسيركز العلاج على التحكم في هذه الحالة.
  • الدعم النفسي: تقديم المشورة أو العلاج إذا كان التوتر أو القلق أو الاكتئاب يؤثر على تناول الطعام.
  • التثقيف حول اضطرابات الأكل: في حال تم تشخيص اضطراب في الأكل، سيتم توجيه الأم إلى أخصائيين.

الوقاية والاهتمام الذاتي

تُعد الوقاية دائمًا خير من العلاج. إليك بعض النصائح للحفاظ على وزن صحي أثناء الحمل:

  • التغذية المتوازنة: ركزي على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان.
  • وجبات صغيرة ومتكررة: بدلًا من ثلاث وجبات كبيرة، جربي تناول خمس أو ست وجبات صغيرة على مدار اليوم للمساعدة في الحفاظ على مستويات الطاقة وتجنب الشعور بالامتلاء المفرط.
  • ترطيب الجسم: اشربي كميات كافية من الماء والسوائل الصحية على مدار اليوم.
  • تجنب العادات غير الصحية: أقلعي عن التدخين وتجنبي الكحول والمخدرات.
  • الاستماع إلى جسدك: انتبهي إلى علامات الجوع والشبع.
  • طلب المساعدة: لا تترددي في التحدث مع طبيبك أو أخصائي تغذية إذا كنتِ قلقة بشأن وزنك أو عاداتك الغذائية.

في الختام، يُعد الحفاظ على وزن صحي أثناء الحمل أمرًا بالغ الأهمية لسلامة الأم والجنين. نقص الوزن غير المبرر ليس دائمًا مدعاة للقلق المفرط، ولكنه يستدعي دائمًا استشارة طبية لضمان عدم وجود مشاكل صحية أساسية. من خلال الوعي بالأسباب المحتملة، والتواصل المفتوح مع مقدمي الرعاية الصحية، واتباع نمط حياة صحي، يمكن للأمهات تجاوز هذه المرحلة الهامة بسلام واطمئنان.

الأكثر بحث حول "سبب نقص الوزن اثناء الحمل"

اترك التعليق