تعبير عن الام

كتبت بواسطة سعاد
نشرت بتاريخ : الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 3:37 صباحًا

الأم: شمعة تحترق لتضيء دروب الحياة

في رحلة الحياة المليئة بالتحديات والمنعطفات، تتجلى لنا صورٌ ساميةٌ تتجاوز الزمان والمكان، صورٌ محفورةٌ في أعماق وجداننا، تضيء لنا دروب السعادة والفرح، وتشدّ أزرنا في أوقات الشدة والحزن. ومن بين هذه الصور، تبرز صورة “الأم” كأسمى وأقدس العلاقات الإنسانية، كينونةٌ تتجسد فيها معاني الحب الأبدي، والتضحية اللامحدودة، والعطاء الذي لا ينضب. إنها الأم، تلك الروح النقية التي تحتضننا منذ اللحظة الأولى لوجودنا، وتبذل كل ما في وسعها لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لنا، لتنمو أرواحنا وتتفتح براعم شخصياتنا.

منبع الحنان والعطاء اللامحدود

لا يمكن حصر معاني الأمومة في كلماتٍ بسيطة، فهي بحرٌ واسعٌ من المشاعر الجياشة، ونبعٌ لا ينضب من الحنان والرحمة. إنها تلك اليد التي تربت على رؤوسنا، وتلك الأذن التي استمعت لشكوانا، وذلك القلب الذي احتضن آلامنا وأفراحنا. منذ اللحظات الأولى لولادتنا، تبدأ الأم رحلةً شاقةً من الرعاية والاهتمام، تسهر الليالي، وتتحمل المشاق، وتضع احتياجات أبنائها قبل احتياجاتها الشخصية. إنها تمنحنا الحياة، ثم تسقينا بماء الحب، وترعى بذورنا لتنمو، وتوفر لنا الدعم اللازم لتشق طريقنا في هذه الحياة.

تضحيات لا تقدر بثمن

تتجاوز تضحيات الأم كل حدود، فهي مستعدةٌ للتخلي عن أحلامها الشخصية، وعن رفاهيتها، بل وحتى عن صحتها، في سبيل سعادة أبنائها وراحتهم. إنها تلك التي تمنحنا أجمل سنوات عمرها، وتبذل جهدها في تربيتنا، وتعليمنا القيم والأخلاق، وتغرس فينا حب الخير والصلاح. الأم هي المدرسة الأولى التي نتعلم فيها دروس الحياة، وهي الملاذ الآمن الذي نلجأ إليه حين تتلاطم أمواج الحياة بنا. إنها تبني فينا الثقة بالنفس، وتشجعنا على تحقيق أحلامنا، وتؤمن بقدراتنا حتى لو شككنا نحن فيها.

مفتاح النجاح وسند الحياة

لا يقتصر دور الأم على الرعاية الجسدية والنفسية فحسب، بل تمتد لتشمل دورها كشريك أساسي في بناء مستقبل أبنائها. إنها الداعم الأول، والمحفز الأقوى، والمستشار الأمين. في كل خطوة نخطوها نحو تحقيق أهدافنا، نجدها تقف خلفنا، تدعو لنا بالتوفيق، وتشجعنا على المثابرة، وتمنحنا القوة لمواجهة الصعاب. إنها تؤمن بأن النجاح يبدأ من البيت، ومن أساسٍ متينٍ من الحب والرعاية، وهي تسعى جاهدةً لتوفير هذا الأساس. إن دعاء الأم المستجاب، وكلماتها المشجعة، تشكل درعًا واقيًا يحمينا من الشرور، وتفتح لنا أبواب الرزق والتوفيق.

كلماتٌ من ذهب عن الأم

تغنى الشعراء والأدباء عبر العصور بالأم، وخطوا أجمل الكلمات وأبلغ المعاني تعبيرًا عن مكانتها السامية. قال عنها الشاعر أحمد شوقي: “الأم مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراقِ”، وهذا البيت يلخص جوهر دور الأم في بناء الأجيال والمجتمعات. إنها ليست مجرد كائنٍ حيٍّ ينجب ويربي، بل هي صانعةٌ للأوطان، وبانيةٌ للحضارات. كما أن العديد من الأقوال المأثورة تؤكد على فضلها، مثل قوله تعالى: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، مما يبين عظم مكانتها في الأديان السماوية.

حق الأم وواجب الأبناء

لا يمكن لأبناء البر والوفاء أن ينسوا فضل أمهاتهم، بل يسعون جاهدين لرد جزءٍ يسيرٍ من هذا الفضل. إن بر الأم واجبٌ مقدسٌ، وطريقٌ موصلٌ إلى رضا الله وجنته. يتجلى بر الأم في الإحسان إليها، وطاعتها في المعروف، والدعاء لها بالرحمة والمغفرة، وخدمتها في كبرها. إنها تلك الشجرة التي بذلت كل ما لديها لتنمو ثمارها، والآن يحين دور الثمار لتسقي الشجرة وترعاها. إن الاهتمام بالأم، وتلبية احتياجاتها، وإظهار الامتنان لها، ليس مجرد واجب، بل هو تعبيرٌ صادقٌ عن الحب والتقدير، وشكرٌ على ما قدمته ولا تزال تقدمه.

أمي، يا أغلى ما أملك

في نهاية المطاف، لا يمكن لأي كلماتٍ أن تصف حجم الحب والتقدير الذي نكنه لأمهاتنا. فهن النور الذي يضيء حياتنا، والكنز الذي لا يفنى، والقلب الذي لا يعرف سوى الحب. فلنجعل من حياتنا شهادةً على عظمة الأم، ولنحرص على إرضائها، وبرها، والدعاء لها في كل وقت وحين. إنها تلك الهدية الثمينة التي لا تقدر بثمن، والتي يجب أن نحافظ عليها ونرعاها بكل ما أوتينا من قوة.

اترك التعليق