الفرق بين لا النافية ولا الناهية في اللغة العربية

كتبت بواسطة نجلاء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 11:45 صباحًا

الفرق الجوهري بين “لا” النافية و”لا” الناهية في اللغة العربية: دليلك الشامل

تُعد “لا” من الحروف العربية ذات الأهمية القصوى في بناء الجملة وتحديد معناها، فهي تحمل في طياتها قدرة فائقة على نفي حدث أو طلب الامتناع عنه. ورغم تشابههما في الشكل، إلا أن “لا” النافية و”لا” الناهية تختلفان اختلافًا جوهريًا في الوظيفة والمعنى، وهو ما يسبب أحيانًا بعض الالتباس لدى دارسي اللغة العربية. إن فهم هذا الفرق ليس مجرد مسألة قواعدية، بل هو مفتاح لفك شفرة دقيقة في التعبير عن الأفكار والمشاعر. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الفروقات الدقيقة بين هاتين الأداتين، وتقديم شرح وافٍ مدعوم بالأمثلة لتوضيح آلية عمل كل منهما، مما يساهم في تعزيز الثقة في استخدام اللغة العربية بطلاقة ودقة.

“لا” النافية: إعلان الانقطاع والوقوع

تُعرف “لا” النافية بأنها أداة تُستخدم لنفي وقوع الحدث أو اتصاف شيء بصفة معينة. هي بمثابة إعلان عن عدم حدوث الفعل أو عدم وجود الصفة، ولا تحمل في معناها أي طلب أو أمر. تتصل “لا” النافية عادةً بالفعل الماضي أو المضارع، وفي بعض الحالات تدخل على الجملة الاسمية.

أنواع “لا” النافية ووظائفها

يمكن تقسيم “لا” النافية إلى عدة أقسام رئيسية بناءً على عملها في الجملة:

* **”لا” النافية للفعل المضارع:** في هذه الحالة، تنفي “لا” حدوث الفعل المضارع دون أن تؤثر على إعرابه. يظل الفعل المضارع مرفوعًا بعدها.
* **مثال:** “الولد **لا** يلعب في الشارع.” هنا، تنفي “لا” أن الولد يقوم بفعل اللعب في الشارع. الفعل “يلعب” يبقى مرفوعًا.
* **مثال آخر:** “**لا** أستطيع أن أزورك اليوم.” تنفي “لا” القدرة على الزيارة.

* **”لا” النافية للفعل الماضي:** عندما تدخل “لا” على الفعل الماضي، فإنها تنفيه أيضًا، ولكنها قد تُفيد النفي في المستقبل أو الحاضر عندما يكون السياق يحتمل ذلك، أو قد تفيد النفي المطلق.
* **مثال:** “**لا** أكرمتُ ضيفًا ولم أُحسِن إليه.” هنا، تنفي “لا” إكرام الضيف.
* **مثال آخر:** “**لا** أرى لكَ من عيبٍ.” هنا، تنفي “لا” وجود أي عيب.

* **”لا” النافية للجنس:** وهي من أخوات “إنّ” وتعمل عملها، حيث تنصب الاسم وترفع الخبر، وتفيد نفي الجنس عن الاسم الذي تذكره نفيًا مطلقًا. وتُشترط شروط معينة لعملها هذا، أهمها ألا يتصل بها حرف جر وأن يكون اسمها وخبرها نكرتين.
* **مثال:** “**لا** شكَّ في قدرته.” هنا، نفت “لا” الجنس عن الشك، أي لا يوجد أي مقدار من الشك. “شك” اسم “لا” النافية للجنس منصوب، و”في قدرته” شبه جملة خبر “لا”.
* **مثال آخر:** “**لا** رجلٌ في الدار.” نفت “لا” وجود أي رجل في الدار.

* **”لا” العاطفة:** وهي التي تُعطف بها الأسماء، وتُفيد نفي الحكم عن المعطوف وإثباته للمعطوف عليه.
* **مثال:** “جاء محمدٌ **لا** عليٌ.” هنا، نفت “لا” مجيء علي وأثبتته لمحمد.

* **”لا” الزائدة:** تُزاد “لا” في بعض المواضع لتوكيد النفي، ولا تؤثر على المعنى أو الإعراب.
* **مثال:** “ما جاء **لا** أحدٌ.” هنا، “لا” زائدة للتوكيد، والمعنى هو “ما جاء أحدٌ”.

“لا” الناهية: طلب الكف والامتناع

على النقيض تمامًا من “لا” النافية، تُستخدم “لا” الناهية للطلب، فهي تدل على طلب الكف عن فعل شيء معين. هي بمثابة أمر بالامتناع، وتؤثر على إعراب الفعل المضارع الذي يليها، فتجزمه.

خصائص “لا” الناهية

* **طلب الامتناع:** الوظيفة الأساسية لـ “لا” الناهية هي طلب التوقف عن القيام بفعل.
* **جزم الفعل المضارع:** تتصل “لا” الناهية بالفعل المضارع فتجزمه، أي تجعل آخره ساكنًا أو تحذف منه حرف العلة في حالات معينة.
* **المخاطبة:** غالبًا ما توجه “لا” الناهية إلى المخاطب مباشرة، سواء كان مفردًا أو مثنى أو جمعًا، مذكرًا أو مؤنثًا.

* **مثال:** “**لا** تلعبْ بالنار.” هنا، تطلب “لا” من المخاطب عدم اللعب بالنار. الفعل “تلعب” مجزوم بـ “لا” وعلامة جزمه السكون.
* **مثال آخر:** “**لا** تُسرفوا في الماء.” تطلب “لا” من الجماعة عدم الإسراف. الفعل “تسرفوا” مجزوم بـ “لا” وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة.
* **مثال ثالث:** “**لا** تمشِ سريعًا.” تطلب “لا” من المفرد المذكر عدم المشي بسرعة. الفعل “تمشِ” مجزوم بـ “لا” وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء).

جدول مقارنة يوضح الفروقات الأساسية

لتبسيط الفهم، يمكن تلخيص الفروقات الرئيسية في جدول:

| وجه المقارنة | “لا” النافية | “لا” الناهية |
| :————- | :—————————————– | :——————————————- |
| **المعنى** | نفي وقوع الحدث أو اتصاف الشيء بصفة. | طلب الكف عن الفعل والامتناع عنه. |
| **التأثير الإعرابي** | لا تؤثر على إعراب الفعل المضارع (يبقى مرفوعًا)؛ تعمل عمل “إنّ” في “لا” النافية للجنس. | تجزم الفعل المضارع. |
| **السياق** | إخبار، وصف. | طلب، أمر بالامتناع. |
| **الضمير المخاطب** | غالبًا لا تخص المخاطب مباشرة. | غالبًا ما توجه إلى المخاطب. |
| **أمثلة** | “الجو **لا** صحوٌ ولا غائمٌ.” | “**لا** تتأخرْ عن موعدك.” |
| | “**لا** أحبُّ الكذب.” | “**لا** ترفعْ صوتك.” |

كيف نميز بينهما في سياق الكلام؟

إن التمييز بين “لا” النافية و”لا” الناهية يعتمد بشكل أساسي على السياق والمعنى المراد إيصاله.

* **التأمل في المعنى:** هل الجملة تخبر عن حدث لم يقع، أم أنها تطلب من شخص ما أن يتوقف عن فعل شيء؟ إذا كانت الأولى، فهي “لا” النافية. إذا كانت الثانية، فهي “لا” الناهية.
* **ملاحظة علامة الإعراب:** إذا كان الفعل المضارع بعدها مرفوعًا، فهي غالبًا “لا” النافية. أما إذا كان مجزومًا (آخره ساكن أو محذوف منه حرف علة أو نون)، فهي “لا” الناهية.
* **الاستبدال:** في بعض الأحيان، يمكن محاولة استبدال “لا” بفعل يدل على النفي (مثل: “ليس”، “لم”، “لن”) أو بفعل يدل على الطلب (مثل: “امتنع عن”، “ابتعد عن”). إذا كان الاستبدال بفعل النفي مناسبًا، فهي “لا” النافية. وإذا كان الاستبدال بفعل الطلب مناسبًا، فهي “لا” الناهية.
* مثال: “**لا** يذهبُ الطالبُ إلى المدرسة متأخرًا.” (نافية، يمكن قول: “ليس يذهبُ” أو “لم يذهبُ”)
* مثال: “**لا** تذهبْ إلى المدرسة متأخرًا.” (ناهية، يمكن قول: “امتنع عن الذهاب متأخرًا”)

خاتمة

في الختام، يمثل التمييز بين “لا” النافية و”لا” الناهية لبنة أساسية في بناء فهم صحيح ودقيق للغة العربية. فبينما تُستخدم “لا” النافية للتعبير عن الواقع وإخبارنا بما هو كائن أو غير كائن، تُستخدم “لا” الناهية كأداة فعالة في توجيه الأوامر وطلب الامتناع. إن إتقان هذا الفرق لا يقتصر على تجنب الأخطاء النحوية، بل يفتح الباب أمام تعبير أكثر ثراءً ودقة، مما يمكن المتحدث والكاتب من مخاطبة الآخرين بوضوح وتأثير أكبر. لذا، فإن التدرب المستمر على تحليل الجمل وفهم سياقها هو السبيل الأمثل للتمكن من هذه الأدوات اللغوية القيمة.

الأكثر بحث حول "الفرق بين لا النافية ولا الناهية في اللغة العربية"

اترك التعليق