اسباب الحكة عند الحامل

كتبت بواسطة محمود
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 7:32 صباحًا

أسباب الحكة عند الحامل: دليل شامل لأمهات المستقبل

تُعد فترة الحمل رحلة فريدة ومليئة بالتغيرات الجسدية والعاطفية التي تمر بها المرأة. وبينما تحتفل معظم النساء بهذه المرحلة المباركة، قد تواجه بعضهن تحديات غير متوقعة، من بينها الحكة المزعجة التي قد تظهر في أوقات مختلفة وأماكن متنوعة من الجسم. هذه الحكة، التي تبدو في ظاهرها بسيطة، قد تكون مؤشرًا لعدة أسباب، بعضها طبيعي وفسيولوجي، وبعضها الآخر يستدعي استشارة طبية لضمان سلامة الأم والجنين.

التغيرات الهرمونية: المحرك الرئيسي للحكة

خلال الحمل، تشهد مستويات الهرمونات لدى المرأة ارتفاعًا كبيرًا، وعلى رأسها هرمون الإستروجين. يلعب هذا الهرمون دورًا حيويًا في دعم الحمل، ولكنه في الوقت نفسه قد يؤثر على صحة الجلد.

زيادة تدفق الدم إلى الجلد

مع تقدم الحمل، يزداد تدفق الدم إلى جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الجلد. هذا التوسع في الأوعية الدموية يمكن أن يسبب شعورًا بالحكة، خاصة في المناطق التي يتمدد فيها الجلد بشكل كبير، مثل البطن والثديين.

جفاف الجلد

قد تؤدي التغيرات الهرمونية أيضًا إلى جفاف الجلد. تصبح البشرة أكثر عرضة لفقدان رطوبتها الطبيعية، مما ينتج عنه شعور بالشد والحكة. هذا الجفاف قد يكون أكثر وضوحًا في الأشهر الأخيرة من الحمل.

تمدد الجلد: العدو اللدود للحكة

مع نمو الجنين داخل الرحم، يتمدد جلد البطن بشكل كبير لاستيعاب هذا النمو. هذا التمدد السريع هو أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للحكة لدى الحوامل، وغالبًا ما يشار إليه بالحكة الناتجة عن علامات التمدد (Stretch Marks).

آلية الحكة الناتجة عن علامات التمدد

عندما يتمدد الجلد بسرعة، قد يحدث تمزق دقيق في طبقات الأدمة. هذا التمزق، بالإضافة إلى الاستجابة الالتهابية التي تحدث في المنطقة، يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية تثير نهايات الأعصاب الحسية، مسببة الشعور بالحكة. غالبًا ما تكون هذه الحكة متركزة حول منطقة البطن، وقد تمتد إلى الوركين والفخذين.

أسباب أخرى للحكة أثناء الحمل

إلى جانب التغيرات الهرمونية وتمدد الجلد، هناك أسباب أخرى قد تساهم في الشعور بالحكة، بعضها شائع وبعضها يتطلب اهتمامًا طبيًا.

التهاب الجلد التأتبي (الإكزيما)

قد تعاني النساء اللواتي لديهن تاريخ مع الإكزيما من تفاقم الأعراض خلال فترة الحمل. يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية واستجابات الجهاز المناعي إلى زيادة شدة الإكزيما، مسببة حكة شديدة وجفافًا وتقشرًا في الجلد.

الطفح الجلدي الفقاعي الهربسي (PUPPP)

يعتبر هذا الطفح الجلدي أحد أكثر الاضطرابات الجلدية شيوعًا في الحمل، ويصيب حوالي 1 من كل 200 حامل. يبدأ عادة في الثلث الثالث من الحمل، ويظهر على شكل نتوءات حمراء وحكة شديدة، غالبًا في منطقة البطن، وقد تمتد إلى الأطراف. على الرغم من أنه مزعج للغاية، إلا أنه لا يشكل خطرًا على الجنين.

الركود الصفراوي داخل الكبد الحملي (ICP)

هذا اضطراب نادر ولكنه خطير في الحمل، يؤثر على الكبد. يتسبب في تراكم أملاح الصفراء في الدم، مما يؤدي إلى حكة شديدة، غالبًا ما تكون في راحتي اليدين وباطن القدمين، وتزداد سوءًا في الليل. قد يصاحبها أحيانًا اصفرار الجلد والعينين (اليرقان)، ولكن الحكة قد تظهر قبل اليرقان. الركود الصفراوي يتطلب متابعة طبية دقيقة لأنه قد يزيد من خطر مضاعفات الحمل، بما في ذلك الولادة المبكرة وموت الجنين.

الحساسية والتهيج

قد تصبح البشرة أكثر حساسية خلال الحمل تجاه بعض المنتجات التي كانت تستخدمها المرأة سابقًا دون مشاكل. قد تشمل هذه المنتجات الصابون، مستحضرات التجميل، منظفات الملابس، وحتى بعض أنواع الأقمشة.

العدوى الفطرية

تزيد التغيرات الهرمونية من احتمالية الإصابة بالعدوى الفطرية، مثل عدوى الخميرة المهبلية. غالبًا ما تسبب هذه العدوى حكة شديدة، بالإضافة إلى إفرازات غير طبيعية.

متى يجب استشارة الطبيب؟

في حين أن معظم أسباب الحكة خلال الحمل تكون بسيطة ويمكن التعامل معها في المنزل، إلا أن هناك بعض العلامات التي تستدعي استشارة الطبيب فورًا:

* **حكة شديدة جدًا** لا تستجيب للعلاجات المنزلية.
* **ظهور طفح جلدي** مصحوب بحكة، خاصة إذا كان واسع الانتشار.
* **الحكة التي تتركز في راحتي اليدين وباطن القدمين**، خاصة إذا كانت مصحوبة باليرقان أو تغير في لون البول.
* **أي قلق بشأن صحة الأم أو الجنين.**

سبل التعامل مع الحكة

للتخفيف من الحكة المزعجة، يمكن اتباع بعض الإجراءات الوقائية والعلاجية:

* **الترطيب المستمر:** استخدام مرطبات لطيفة وغير معطرة بشكل منتظم، خاصة بعد الاستحمام.
* **الاستحمام بالماء الفاتر:** تجنب الماء الساخن الذي قد يزيد من جفاف الجلد.
* **ارتداء ملابس فضفاضة:** يفضل اختيار الملابس المصنوعة من الأقمشة الطبيعية مثل القطن.
* **تجنب المهيجات:** الابتعاد عن الصابون القاسي، والمستحضرات المعطرة، والمنظفات القوية.
* **الكمادات الباردة:** يمكن أن توفر راحة مؤقتة للحكة.
* **نصائح طبية:** قد يصف الطبيب كريمات موضعية أو أدوية أخرى إذا لزم الأمر، بناءً على سبب الحكة.

في الختام، تظل الحكة جزءًا شائعًا من تجربة الحمل لدى الكثير من النساء. بفهم الأسباب المحتملة واتخاذ الإجراءات المناسبة، يمكن للأمهات المستقبل تخفيف هذا الانزعاج والاستمتاع برحلتهن بأكبر قدر ممكن من الراحة.

اترك التعليق