تُعد منطقة الأرداف من أكثر المناطق شيوعاً لتجمع الدهون في الجسم، وتُعرف سمنة الأرداف بكونها مشكلة جمالية وصحية تؤثر على العديد من الأشخاص، وخاصة النساء. فبينما قد ترغب بعض النساء في زيادة حجم هذه المنطقة لأسباب جمالية، فإن تراكم الدهون الزائدة فيه يمكن أن يشير إلى مشاكل صحية أكبر، ويؤثر على ثقة الشخص بنفسه. تتشابك في تشكيل سمنة الأرداف عوامل بيولوجية، سلوكية، وبيئية معقدة. فهم هذه الأسباب هو الخطوة الأولى نحو معالجتها والوصول إلى جسم صحي ومتناسق.
العوامل الوراثية والهرمونية
تلعب الوراثة دوراً محورياً في تحديد شكل الجسم وتوزع الدهون فيه. إذا كان لدى أحد الوالدين أو الأقارب من الدرجة الأولى ميل لتخزين الدهون في منطقة الأرداف والفخذين، فمن المرجح أن يكتسب الأبناء هذه السمة. هذا النوع من تخزين الدهون، المعروف باسم شكل الكمثرى، هو أكثر شيوعاً لدى النساء بسبب التأثير الهرموني لهرمون الاستروجين، الذي يحفز الجسم على تخزين الدهون في هذه المناطق استعداداً للحمل والرضاعة.
دور هرمون الاستروجين
يُعد هرمون الاستروجين، الذي تنتجه المبايض بشكل أساسي، مسؤولاً عن العديد من صفات الأنوثة، بما في ذلك طريقة توزيع الدهون في الجسم. خلال فترة البلوغ، وفترة الحمل، وفترة ما قبل انقطاع الطمث، تميل مستويات الاستروجين إلى الارتفاع، مما يشجع الجسم على تخزين الدهون في الأرداف والفخذين. بعد انقطاع الطمث، تنخفض مستويات الاستروجين، وقد يبدأ الجسم في تخزين الدهون في منطقة البطن بدلاً من ذلك، ولكن هذا التحول لا يحدث للجميع، ويبقى البعض عرضة لتراكم الدهون في الأرداف.
التأثير الجيني على توزيع الدهون
تمتلك بعض الأفراد جينات تجعلهم أكثر استعداداً لتخزين الدهون في مناطق معينة، بما في ذلك الأرداف. هذه الحساسية الجينية، بالاقتران مع العوامل البيئية، يمكن أن تؤدي إلى تفاوت كبير في توزيع الدهون بين الأفراد، حتى مع اتباع نفس النظام الغذائي وممارسة نفس القدر من النشاط البدني.
العادات الغذائية ونمط الحياة
تُعد العادات الغذائية السيئة وقلة النشاط البدني من الأسباب الرئيسية لزيادة الوزن بشكل عام، وبالتالي سمنة الأرداف. يساهم تناول سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه الجسم في تراكم الدهون، وتُعد منطقة الأرداف من المناطق المفضلة لدى الجسم لتخزين هذه السعرات الحرارية الزائدة.
استهلاك السعرات الحرارية الزائدة
يؤدي الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، خاصة تلك التي تحتوي على كميات عالية من السكريات المكررة والدهون المشبعة وغير المشبعة، إلى زيادة في الوزن. عندما لا يتم حرق هذه السعرات الحرارية الإضافية من خلال النشاط البدني، يتم تحويلها إلى دهون وتخزينها في الجسم، وغالباً ما تستقر هذه الدهون في منطقة الأرداف.
##### الأطعمة المصنعة والسكريات المضافة
الأطعمة المصنعة، مثل الوجبات السريعة، والمعجنات، والمشروبات الغازية، تحتوي على نسبة عالية من السكريات المضافة والدهون غير الصحية. هذه المكونات تزيد من احتمالية تخزين الدهون في الجسم، وخاصة في مناطق مثل الأرداف.
##### الدهون الصحية مقابل الدهون غير الصحية
على الرغم من أن الدهون ضرورية للجسم، إلا أن نوع الدهون التي يتم استهلاكها يلعب دوراً هاماً. فالدهون المشبعة والمتحولة، الموجودة بكثرة في الأطعمة المصنعة، تساهم في تراكم الدهون، بينما الدهون غير المشبعة (الموجودة في الأفوكادو، والمكسرات، وزيت الزيتون) يمكن أن تكون جزءاً من نظام غذائي صحي.
قلة النشاط البدني
يُعد النشاط البدني ضرورياً لحرق السعرات الحرارية والحفاظ على وزن صحي. عندما يكون الشخص غير نشط، تفقد عضلاته قدرتها على حرق الدهون بفعالية، مما يؤدي إلى زيادة تراكم الدهون في الجسم، بما في ذلك منطقة الأرداف.
##### الجلوس لفترات طويلة
يعتبر الجلوس لساعات طويلة، سواء بسبب طبيعة العمل أو نمط الحياة، من العوامل المساهمة في سمنة الأرداف. هذا الوضع يقلل من نشاط العضلات في هذه المنطقة ويحد من تدفق الدم، مما يعزز تراكم الدهون.
##### قلة التمارين الرياضية الموجهة
عدم ممارسة التمارين الرياضية التي تستهدف عضلات الأرداف والفخذين بشكل خاص، مثل تمارين القوة والمقاومة، يمكن أن يؤدي إلى ضعف هذه العضلات وتراكم الدهون فوقها.
عوامل أخرى مساهمة
بالإضافة إلى العوامل الوراثية والغذائية، هناك العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تلعب دوراً في سمنة الأرداف، مثل العمر، والحالات الطبية، وبعض الأدوية.
التغيرات المرتبطة بالعمر
مع التقدم في العمر، يميل معدل الأيض لدى الجسم إلى التباطؤ. هذا يعني أن الجسم يحرق سعرات حرارية أقل، ويزداد احتوائه للدهون، وقد تتغير طريقة توزيع الدهون في الجسم. قد يؤدي هذا التباطؤ في الأيض، بالتزامن مع قلة النشاط البدني، إلى زيادة تراكم الدهون في منطقة الأرداف.
الحالات الطبية واختلال التوازن الهرموني
بعض الحالات الطبية، مثل متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، يمكن أن تؤثر على مستويات الهرمونات في الجسم وتساهم في زيادة الوزن وتوزيع الدهون بشكل غير متساوٍ. كذلك، يمكن أن يؤثر قصور الغدة الدرقية على معدل الأيض، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.
الآثار الجانبية لبعض الأدوية
تُعرف بعض الأدوية بأنها تسبب زيادة في الوزن كأثر جانبي. قد تشمل هذه الأدوية بعض مضادات الاكتئاب، وأدوية علاج مرض السكري، والكورتيكوستيرويدات. قد تؤثر هذه الأدوية على الشهية، أو معدل الأيض، أو طريقة تخزين الدهون في الجسم.
التوتر والضغوط النفسية
يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول، وهو هرمون يمكن أن يحفز الجسم على تخزين الدهون، خاصة في منطقة البطن والأرداف. كما أن التوتر قد يؤدي إلى زيادة الرغبة في تناول الأطعمة غير الصحية، مما يساهم في زيادة الوزن.
—
في الختام، يُعد فهم الأسباب المتعددة لسمنة الأرداف هو المفتاح لمعالجتها. يتطلب الأمر نهجاً شاملاً يجمع بين تعديل العادات الغذائية، وزيادة النشاط البدني، وإدارة التوتر. من الضروري استشارة أخصائي تغذية أو طبيب لتحديد أفضل استراتيجية علاجية تناسب كل فرد، خاصة في الحالات التي قد تكون فيها عوامل وراثية أو طبية مؤثرة. إن التحسينات التدريجية والمستمرة في نمط الحياة هي الطريق الأمثل نحو تحقيق جسم صحي ومتوازن.
