أسباب الحكة عند الحامل في المهبل

كتبت بواسطة هناء
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 7:32 صباحًا

أسباب الحكة المهبلية أثناء الحمل: فهم معمق ومعالجة فعالة

تُعد الحكة المهبلية من الشكاوى الشائعة التي تواجهها العديد من النساء خلال فترة الحمل. ورغم أنها قد تبدو مزعجة فحسب، إلا أنها في كثير من الأحيان تكون مؤشرًا على تغيرات فسيولوجية طبيعية أو قد تدل على وجود عدوى تتطلب عناية طبية. إن فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الحكة هو الخطوة الأولى نحو الشعور بالراحة والتأكد من سلامة الحمل.

التغيرات الهرمونية: المحرك الأساسي للتغيرات المهبلية

خلال الحمل، تحدث تغيرات هرمونية هائلة في جسم المرأة، وعلى رأسها ارتفاع مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون. هذه الهرمونات تلعب دورًا حاسمًا في تهيئة الرحم لاستقبال الجنين ونموه، لكنها تؤثر أيضًا على البيئة المهبلية.

زيادة الإفرازات المهبلية (Leukorrhea)

من أبرز التغيرات التي تسببها الهرمونات هو زيادة كمية الإفرازات المهبلية. هذه الإفرازات، المعروفة طبيًا باسم “Leukorrhea”، تكون عادةً شفافة أو بيضاء اللون، ورقيقة القوام، وعديمة الرائحة تقريبًا. وظيفتها الأساسية هي الحفاظ على نظافة المهبل وترطيبه، وحمايته من العدوى. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة في الإفرازات يمكن أن تؤدي إلى شعور بالرطوبة المستمرة، مما قد يهيج البشرة الحساسة في منطقة المهبل ويسبب الحكة.

تغير درجة الحموضة المهبلية (pH)

تؤثر الهرمونات أيضًا على درجة الحموضة (pH) في المهبل، حيث تميل إلى أن تصبح أكثر حمضية قليلاً خلال الحمل. هذا التغير في الـ pH يهدف إلى خلق بيئة غير مواتية لنمو البكتيريا الضارة والفطريات. ومع ذلك، فإن هذا التوازن الدقيق يمكن أن يجعله أكثر عرضة لبعض أنواع العدوى، مثل عدوى الخميرة، والتي غالبًا ما تكون مصحوبة بحكة شديدة.

العدوى الفطرية (داء المبيضات)

تُعد عدوى الخميرة، أو داء المبيضات (Candidiasis)، أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للحكة المهبلية أثناء الحمل. تسببها فطريات المبيضات البيض (Candida albicans)، والتي توجد بشكل طبيعي في المهبل بكميات قليلة. لكن التغيرات الهرمونية، وارتفاع مستويات السكر في الدم (الذي يمكن أن يحدث أحيانًا أثناء الحمل)، وضعف الجهاز المناعي النسبي، تخلق بيئة مثالية لتكاثر هذه الفطريات بشكل مفرط.

أعراض عدوى الخميرة

تتجاوز الحكة مجرد الانزعاج، وغالبًا ما تكون مصحوبة بأعراض أخرى مثل:

* **إحساس حارق:** قد تشعر المرأة بحرقة أو لسعة، خاصة عند التبول أو ممارسة العلاقة الزوجية.
* **احمرار وتورم:** تصبح منطقة المهبل الخارجية (الفرج) حمراء ومتورمة.
* **إفرازات سميكة بيضاء:** تختلف هذه الإفرازات عن الإفرازات الطبيعية، حيث تكون سميكة، بيضاء، وتشبه الجبن القريش في قوامها، وقد تكون عديمة الرائحة أو ذات رائحة خفيفة.
* **ألم أو وجع:** قد تشعر المرأة بالألم في منطقة الحوض أو أثناء الجماع.

من المهم استشارة الطبيب عند ظهور هذه الأعراض، حيث أن العلاج خلال الحمل يختلف قليلاً عن العلاج في الأوقات العادية، حيث يفضل استخدام العلاجات الموضعية الآمنة للحمل.

التهاب المهبل البكتيري (Bacterial Vaginosis – BV)

سبب آخر شائع للحكة المهبلية هو التهاب المهبل البكتيري (BV). يحدث هذا الاضطراب عندما يختل التوازن الطبيعي للبكتيريا الموجودة في المهبل، حيث تتكاثر البكتيريا “الضارة” بينما تقل البكتيريا “النافعة” (اللبنات).

أعراض التهاب المهبل البكتيري

على الرغم من أن الحكة قد تكون أحد الأعراض، إلا أنها ليست دائمًا العرض الرئيسي لالتهاب المهبل البكتيري. الأعراض الأكثر شيوعًا تشمل:

* **إفرازات رقيقة رمادية أو بيضاء:** تختلف هذه الإفرازات عن إفرازات الخميرة، حيث تكون رقيقة، مائية، ولونها يتراوح بين الرمادي والأبيض.
* **رائحة كريهة:** السمة المميزة لالتهاب المهبل البكتيري هي رائحة قوية تشبه رائحة السمك، خاصة بعد الجماع أو أثناء الدورة الشهرية.
* **حكة أو تهيج:** قد تعاني بعض النساء من حكة أو تهيج في المنطقة.

يُعد التهاب المهبل البكتيري مهمًا لعلاجه خلال الحمل، لأنه قد يرتبط بزيادة خطر حدوث مضاعفات مثل الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود عند الولادة.

التهاب المهبل غير المشخص (غير عدوائي)

في بعض الحالات، قد لا يكون سبب الحكة المهبلية عدوى واضحة. قد يكون ناتجًا عن تهيج بسيط أو رد فعل تحسسي.

التحسس من المنتجات المهبلية

تستخدم بعض النساء منتجات العناية الشخصية التي قد تحتوي على مواد كيميائية قاسية أو عطور قوية، مثل:

* **الصابون المعطر:** يمكن أن يؤدي استخدام الصابون المعطر أو المطهر في المنطقة الحساسة إلى تهيجها.
* **غسول المهبل (Douches):** يُنصح بشدة بتجنب استخدام غسول المهبل أثناء الحمل، حيث أنه يخل بالتوازن الطبيعي للبكتيريا ويزيد من خطر العدوى.
* **منتجات النظافة النسائية:** بعض الفوط الصحية أو السدادات القطنية قد تحتوي على مواد تسبب حساسية لدى بعض النساء.

التغيرات في درجة حرارة الجسم

قد تلاحظ بعض النساء زيادة في التعرق في منطقة المهبل بسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم الطبيعي أثناء الحمل، مما قد يسبب شعورًا بالرطوبة والتهيج وبالتالي الحكة.

نصائح للتعامل مع الحكة المهبلية أثناء الحمل

1. **النظافة الشخصية اللطيفة:** استخدمي ماءً فاترًا فقط لتنظيف المنطقة الخارجية للمهبل، وتجنبي استخدام الصابون المعطر أو المواد الكيميائية القاسية. جففي المنطقة بلطف بعد الغسيل.
2. **ارتداء ملابس فضفاضة:** اختاري ملابس داخلية قطنية تسمح بمرور الهواء، وتجنبي الملابس الضيقة المصنوعة من الألياف الصناعية التي تحبس الرطوبة.
3. **تجنب المنتجات المهيجة:** ابتعدي عن غسول المهبل، والمبيدات العطرية، ومنتجات النظافة النسائية المعطرة.
4. **استشارة الطبيب:** هذا هو الأهم. لا تترددي في زيارة طبيبك أو القابلة فورًا عند الشعور بحكة مهبلية مستمرة أو غير عادية. التشخيص المبكر والعلاج المناسب ضروريان لراحة الأم وسلامة الجنين. سيقوم الطبيب بإجراء الفحوصات اللازمة وتحديد السبب بدقة ووصف العلاج الآمن والفعال للحمل.

الحكة المهبلية أثناء الحمل، على الرغم من كونها مزعجة، إلا أنها غالبًا ما تكون قابلة للعلاج بسهولة. من خلال فهم الأسباب المحتملة واتباع النصائح الوقائية، يمكن للحامل أن تقلل من هذا الانزعاج وتستمتع بفترة حمل صحية ومريحة.

اترك التعليق