أسباب الحكة عند الحامل

كتبت بواسطة نجلاء
نشرت بتاريخ : الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 10:28 مساءً

تُعد فترة الحمل مرحلة فريدة ومليئة بالتغييرات الجسدية والعاطفية التي تمر بها المرأة. وبينما تستعد الأم لاستقبال مولودها الجديد، قد تواجه بعض الأعراض والتحديات التي قد تكون طبيعية أو تتطلب استشارة طبية. ومن بين هذه الأعراض الشائعة، تبرز الحكة أو الشعور بالضيق الجلدي، والتي يمكن أن تؤثر على مناطق مختلفة من الجسم. إن فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الحكة أمر بالغ الأهمية لضمان راحة الأم وصحة الجنين.

الأسباب الفسيولوجية والتكيفية للحكة أثناء الحمل

تترافق زيادة هرمونات الحمل، مثل الإستروجين والبروجسترون، مع تغيرات متعددة في الجسم، بما في ذلك الجلد. هذه التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤثر على صحة الجلد ومقاومته، مما يؤدي إلى الشعور بالحكة.

التمدد الجلدي والتغيرات الهيكلية

مع نمو الجنين وتزايد حجم البطن، تتعرض طبقات الجلد لشد وتمدد مستمر. هذا التمدد يمكن أن يؤدي إلى ظهور علامات التمدد (الخطوط البيضاء أو الأرجوانية) وغالبًا ما يصاحبه شعور بالحكة، خاصة في منطقة البطن.

##### تأثير تمدد الجلد على الأعصاب

عندما يتمدد الجلد بسرعة، قد تتعرض الأعصاب الموجودة في الطبقات العميقة منه للضغط أو التهيج. هذا التهيج العصبي يمكن أن يرسل إشارات إلى الدماغ، مما يفسر على أنه شعور بالحكة.

##### جفاف الجلد نتيجة لتغيرات التمثيل الغذائي

تزيد التغيرات الأيضية خلال الحمل من دوران الدم وتدفق السوائل في الجسم. ورغم أن هذا مفيد، إلا أنه قد يؤثر على توازن الرطوبة في الجلد، مما يؤدي إلى جفافه وزيادة قابليته للحكة.

التغيرات الهرمونية المباشرة على البشرة

الهرمونات تلعب دورًا مباشرًا في تنظيم وظائف الجلد. يمكن للمستويات المرتفعة من هرمونات الحمل أن تؤثر على إنتاج الزيوت الطبيعية في الجلد (الزهم)، وتغير من نفاذيته، وتحدث تفاعلات التهابية بسيطة، كلها عوامل يمكن أن تساهم في ظهور الحكة.

##### دور الإستروجين والبروجسترون

يعتقد أن للإستروجين تأثيرًا مرطبًا للجلد، بينما قد يؤثر البروجسترون المرتفع على استجابة الجلد للحكة. تفاعل هذه الهرمونات مع بعضها البعض ومع مستقبلات الحكة في الجلد يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الشعور بالضيق.

الأسباب المرضية للحكة أثناء الحمل

في بعض الأحيان، قد تكون الحكة علامة على حالة طبية تتطلب اهتمامًا خاصًا، خاصة إذا كانت شديدة أو مصحوبة بأعراض أخرى.

الحكة الكبدية الوليدية (Cholestasis of Pregnancy)

تُعد هذه الحالة أحد الأسباب الخطيرة المحتملة للحكة الشديدة لدى الحوامل. تحدث عندما تواجه الأم مشاكل في تدفق الصفراء من الكبد.

آلية حدوث الحكة الكبدية

تتراكم الأحماض الصفراوية في مجرى الدم، وهذا التراكم يمكن أن يؤدي إلى تهيج النهايات العصبية في الجلد، مما يسبب حكة شديدة. غالبًا ما تكون هذه الحكة أسوأ في راحتي اليدين وباطن القدمين، وقد تظهر في وقت متأخر من الحمل.

##### أعراض الحكة الكبدية المصاحبة

حكة شديدة، خاصة في الليل.
اصفرار الجلد والعينين (يرقان)، والذي قد لا يظهر دائمًا.
بول داكن.
براز فاتح اللون.
قد تترافق مع فقدان الشهية أو الغثيان.

##### أهمية التشخيص الطبي المبكر

الحكة الكبدية الوليدية ليست مجرد إزعاج، بل يمكن أن تشكل خطرًا على الجنين، بما في ذلك زيادة خطر الولادة المبكرة وولادة جنين ميت. لذلك، يجب إبلاغ الطبيب فورًا بأي حكة شديدة، خاصة إذا كانت مصحوبة بعلامات اليرقان.

الأكزيما الحاملة (Pruritic urticarial papules and plaques of pregnancy – PUPPP)

تُعرف هذه الحالة سابقًا باسم (papular and pruritic eruption of pregnancy)، وهي من أكثر أنواع الحكة الجلدية الحميدة شيوعًا خلال الحمل.

ظهور طفح الأكزيما الحاملة

تظهر عادة في الثلث الثالث من الحمل، وتبدأ كبقع حمراء صغيرة تظهر في الطيات الجلدية، مثل منطقة البطن، ثم تنتشر لتشكل بقعًا أكبر (papules) أو مساحات ملتهبة (plaques). غالبًا ما تكون الحكة شديدة جدًا.

##### المناطق الأكثر تأثرًا

غالباً ما تبدأ في منطقة البطن، خاصة حول علامات التمدد، ثم قد تنتشر إلى الفخذين، والأرداف، وأحيانًا الأطراف. من السمات المميزة لهذه الحالة أنها عادة لا تصيب الوجه أو راحتي اليدين أو باطن القدمين.

##### العلاج والتحكم بالعرض

عادة ما تستجيب الأكزيما الحاملة بشكل جيد للعلاجات الموضعيةمثل الكريمات المبردة والمستحضرات التي تحتوي على الكورتيكوستيرويدات الضعيفة. في الحالات الشديدة، قد يصف الطبيب أدوية فموية. غالبًا ما يختفي الطفح بعد الولادة.

الحساسية وردود الفعل تجاه المنتجات

يمكن أن تصبح بشرة الحامل أكثر حساسية خلال هذه الفترة، مما يجعلها أكثر عرضة للحساسية تجاه منتجات العناية بالبشرة، أو المنظفات، أو حتى الملابس.

مكونات شائعة قد تسبب الحساسية

العطور القوية.
الملونات الصناعية.
بعض المواد الحافظة.
مواد كيميائية في الملابس أو الأقمشة.

##### نصائح لتجنب الحساسية

استخدام منتجات لطيفة وخالية من العطور.
الغسيل بالماء والصابون غير المعطر.
اختيار ملابس داخلية قطنية.
اختبار المنتجات الجديدة على منطقة صغيرة من الجلد أولاً.

حب الشباب الهرموني (Acne Vulgaris)

قد يعاني بعض النساء من ظهور حب الشباب أو تفاقمه خلال الحمل بسبب التغيرات الهرمونية. وفي حين غالبًا ما يكون حب الشباب مؤلمًا، إلا أنه قد يكون مصحوبًا بالحكة في بعض الحالات.

الحكة المرتبطة بالظروف الجلدية الموجودة مسبقًا

قد تتفاقم بعض الحالات الجلدية الموجودة لدى المرأة قبل الحمل أو تظهر بشكل جديد خلال فترة الحمل، مما يؤدي إلى الحكة.

الصدفية (Psoriasis)

إذا كانت المرأة تعاني من الصدفية، فقد تشهد تحسنًا أو تفاقمًا خلال الحمل. التغيرات الجلدية المصاحبة للصدفية، مثل الاحمرار والتقشير، غالبًا ما تكون مصحوبة بالحكة.

الأكزيما (Eczema/Dermatitis)

من المعروف أن الأكزيما تسبب حكة شديدة في الظروف العادية، وقد تتأثر خلال الحمل.

الأكزيما التأتبية (Atopic Dermatitis)

هذا النوع شائع ويمكن أن يتأثر هرمونيًا، مما يؤدي إلى زيادة الجفاف والحكة.

الحزاز المسطح (Lichen Planus)

هو حالة التهابية يمكن أن تؤثر على الجلد والشعر والأظافر والأغشية المخاطية. قد تظهر على شكل بقع حمراء أو بنفسجية مثيرة للحكة.

عوامل أخرى مساهمة في الحكة

إلى جانب التغيرات الهرمونية والحالات الطبية، هناك عوامل أخرى يمكن أن تساهم في الشعور بالحكة.

التغيرات التغذوية ونقص الفيتامينات

في بعض الحالات، قد ترتبط الحكة بنقص في بعض الفيتامينات أو المعادن الأساسية. ومع ذلك، فإن هذا أقل شيوعًا كسبب رئيسي للحكة الشديدة.

الضغط النفسي والتوتر

يمكن أن يؤدي الحمل إلى مستويات متزايدة من التوتر والقلق. في بعض النساء، يمكن أن يؤثر الضغط النفسي على تفاعلات الجسم الجلدية ويزيد من الشعور بالحكة.

زيادة درجة حرارة الجسم والتعرق

قد تشعر المرأة الحامل بالحرارة بشكل أكثر، مما قد يؤدي إلى التعرق وزيادة فرصة تهيج الجلد وحدوث حكة، خاصة في المناطق المطوية.

متى يجب استشارة الطبيب؟

على الرغم من أن معظم حالات الحكة أثناء الحمل تكون بسيطة ويمكن التحكم بها، إلا أنه من الضروري معرفة متى يجب البحث عن المساعدة الطبية.

علامات تستدعي القلق

حكة شديدة جدًا: تجعل النوم صعبًا أو تؤثر على جودة الحياة.
الحكة المنتشرة: التي تغطي مساحات واسعة من الجسم.
ظهور طفح جلدي: خاصة إذا كان مصحوبًا بفقاعات أو قروح.
علامات اليرقان: اصفرار الجلد أو العينين.
بول داكن أو براز فاتح.
وجود تاريخ طبي لأمراض الكبد.

أهمية الفحوصات والاستقصاءات

قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات دم، وخاصة لقياس إنزيمات الكبد أو مستويات الأحماض الصفراوية، لتشخيص أو استبعاد الحكة الكبدية الوليدية. قد يأخذ الطبيب أيضًا خزعة من الجلد إذا كان التشخيص غير واضح.

سبل الوقاية والعلاج المنزلي

للتخفيف من الحكة الخفيفة أو المتوسطة، يمكن اتباع بعض الإجراءات المنزلية.

العناية بالبشرة وترطيبها

الاستحمام بماء فاتر: تجنب الماء الساخن الذي يجفف البشرة.
استخدام منظفات لطيفة: خالية من العطور والمواد الكيميائية القاسية.
الترطيب المستمر: استخدام مرطبات خالية من العطور وكثيفة بعد الاستحمام مباشرة، مع التركيز على المناطق الجافة.
استخدام كمادات باردة: يمكن أن تساعد في تهدئة الحكة.

أساليب لتجنب المهيجات

ارتداء ملابس فضفاضة ومصنوعة من أقمشة طبيعية كالقطن.
تجنب الصابون القاسي والعطور القوية.
غسل الملابس الجديدة قبل ارتدائها.

العلاجات الطبيعية المساعدة

دقيق الشوفان: يمكن إضافة دقيق الشوفان الغروي إلى ماء الاستحمام لتهدئة البشرة.
زيت جوز الهند: مرطب طبيعي قد يوفر بعض الراحة.

الخلاصة:

تُعد الحكة من الأعراض الشائعة خلال الحمل، وتتراوح أسبابها من التغيرات الفسيولوجية الطبيعية مثل تمدد الجلد وتغيرات الهرمونات، إلى حالات تستوجب عناية طبية مثل الحكة الكبدية الوليدية أو الأكزيما الحاملة. إن فهم الأسباب المحتملة، إلى جانب الاهتمام بالبشرة واتباع نصائح النظافة والترطيب، يمكن أن يساعد في تخفيف الانزعاج. والأهم من ذلك، هو عدم التردد في استشارة الطبيب عند الشعور بأي حكة شديدة أو مقلقة، لضمان سلامة الأم والجنين.

اترك التعليق