أدوات نصب الفعل المضارع مع الأمثلة

أدوات نصب الفعل المضارع: مفاتيح الفهم والإعراب

يُعد الفعل المضارع ركنًا أساسيًا في بناء الجملة العربية، تتجلى حيويته في قدرته على التعبير عن الأحداث الجارية والمستقبلية. ولإضفاء دقة ووضوح على معانيه، يخضع الفعل المضارع في بعض الأحيان للتغيير في حركته الإعرابية، ومن أبرز هذه التغييرات النصب. يتطلب نصب الفعل المضارع وجود أدوات محددة تسبقه، وهذه الأدوات هي التي سنتعمق في استكشافها، مع أمثلة توضيحية تثري الفهم وتُسهم في إتقان الإعراب.

التعريف بأدوات نصب الفعل المضارع

عندما يتقدم الفعل المضارع أداة من أدوات النصب، فإن علامة رفعه الأصلية (الضمة) تتحول إلى الفتحة الظاهرة أو المقدرة، أو قد تُحذف النون في حال كان الفعل من الأفعال الخمسة. هذه الأدوات ليست مجرد حروف جامدة، بل هي مفاتيح تُفتح بها معانٍ جديدة للجملة، وتُحدد زمن الفعل أو غرضه بشكل قاطع.

اللام (لـِ) التعليلية: سبب وقوع الفعل

تُعد لام التعليل من أبرز أدوات النصب، وهي التي تُبين سبب حدوث الفعل الذي يليها. وغالبًا ما تُجيب عن سؤال تقديره “لماذا؟”.

* **مثال:** “اجتهدتُ **لِأنْجَحَ** في دراستي.”
* في هذا المثال، “لأنْجَحَ” تُبين سبب الاجتهاد، وهو النجاح. الفعل “أنجح” هنا منصوب بـ “اللام” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “نذهب إلى الحديقة **لِنستمتعَ** بالجو اللطيف.”
* “لِنستمتعَ” تُعبر عن سبب الذهاب إلى الحديقة. الفعل “نستمتع” منصوب بـ “اللام” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

حتى: غاية الفعل أو الزمن

تُستخدم “حتى” في نصب الفعل المضارع على وجهين:

1. **للغاية:** بمعنى “إلى أنْ”.
* **مثال:** “سأظلُّ أعملُ **حتى أحققَ** أهدافي.”
* “حتى أحققَ” تُشير إلى الغاية التي يسعى إليها المتحدث. الفعل “أحقق” منصوب بـ “حتى” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

2. **للتعليل:** بمعنى “لكي” أو “كي”.
* **مثال:** “تصدّقْ بالمال **حتى ينالَ** الفقيرُ حاجتَهُ.”
* هنا “حتى” تُفيد التعليل، أي أن سبب التصدق هو أن ينال الفقير حاجته. الفعل “ينال” منصوب بـ “حتى” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

لام الجحود: نفي في سياق الكون

تُعرف لام الجحود بأنها لام مكسورة تُسبق بكونٍ منفي، وتُفيد نفي الخبر عن المُبتدأ المنفي، أو نفي الفعل الذي يليها.

* **شروطها:** أن تسبق بـ “ما كان” أو “لم يكن” أو أي فعل يفيد النفي.
* **مثال:** “ما كانَ الطالبُ **لِيقصرَ** في واجباتِهِ.”
* “ليقصرَ” فعل مضارع منصوب بلام الجحود، وهي مسبوقة بـ “ما كان”. علامة النصب هي الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “لم يكنْ المجتهدُ **ليتخاذلَ** عند الشدائد.”
* “ليتخاذلَ” منصوب بلام الجحود بعد “لم يكن”. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

فـاء السببية: نتيجة الفعل

تُعد فاء السببية من أدوات النصب التي تربط بين سبب ونتيجة، حيث يأتي الفعل المضارع بعدها منصوبًا، مُبيّنًا نتيجة للفعل الذي سبقه.

* **شروطها:** أن تسبق بنفي أو طلب (أمر، نهي، استفهام، تمني، ترجٍ، دعاء).
* **مثال (بعد نفي):** “ما أهملتُ دروسي **فأرسبَ**.”
* “فأرسبَ” فعل مضارع منصوب بـ “فاء السببية”، وهي مسبوقة بنفي. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

* **مثال (بعد طلب – أمر):** “اجتهدْ **فتنجحَ**.”
* “فتنجحَ” منصوب بـ “فاء السببية” التي تلت الأمر “اجتهدْ”. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

* **مثال (بعد طلب – نهي):** “لا تتكاسلْ **فتندمَ**.”
* “فتندمَ” منصوب بـ “فاء السببية” بعد النهي “لا تتكاسلْ”. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

واو المعية: المصاحبة

تُستخدم واو المعية لنصب الفعل المضارع إذا أفادت المصاحبة، بمعنى “مع”.

* **شروطها:** أن تسبق بنفي أو طلب.
* **مثال:** “لا تنهَ عن خلقٍ **وتأتيَ** مثله.”
* “وتأتيَ” فعل مضارع منصوب بـ “واو المعية” التي سبقتها “لا تنهَ” (طلب). علامة النصب الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “ما قصرتُ في عملي **وأخفقَ**.”
* “وأخفقَ” منصوب بـ “واو المعية” بعد النفي “ما قصرتُ”. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

كي (كَي) العاطفة: الغرض والغاية

تُستخدم “كي” بمعنى “لكي” أو “لِـ” لنصب الفعل المضارع، وتُفيد الغرض أو العلة.

* **مثال:** “ادرسْ بجدٍّ **كي تنجحَ**.”
* “كي تنجحَ” تُبين الغرض من الدراسة. الفعل “تنجح” منصوب بـ “كي” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “حاولْ بشتى الطرق **كي تُقنعَ** خصمَكَ.”
* “كي تُقنعَ” تُفيد الغرض. الفعل “تقنع” منصوب بـ “كي” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

أنْ (أنّ) المصدرية: المصدر المؤول

تُعد “أنْ” من أشهر أدوات نصب الفعل المضارع، وهي حرف مصدري ونصب. تُحوّل الفعل المضارع بعدها إلى مصدر مؤول، يمكن تأويله بكلمة “المصدر” الصريح.

* **مثال:** “يسرني **أنْ تنجحَ**.”
* “أنْ تنجحَ” تُشكل مصدرًا مؤولًا تقديره “نجاحُك”. الفعل “تنجح” منصوب بـ “أنْ” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “أحبُّ **أنْ أقرأَ** الكتبَ المفيدة.”
* “أنْ أقرأَ” تُشكل مصدرًا مؤولًا تقديره “قراءتي”. الفعل “أقرأ” منصوب بـ “أنْ” وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

لام (لـِ) الأمر: إيجاب الفعل

تُعد لام الأمر من أدوات نصب الفعل المضارع، وهي التي تُفيد طلب القيام بالفعل، وغالبًا ما تُستخدم في صيغة الأمر.

* **مثال:** “**لِيجتهدْ** كلٌّ منكم في عملِهِ.”
* “لِيجتهدْ” فعل مضارع منصوب بلام الأمر، ويفيد طلب الاجتهاد. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

* **مثال آخر:** “**لِنعملْ** معًا من أجلِ تحقيقِ أهدافنا.”
* “لِنعملْ” فعل مضارع منصوب بلام الأمر، ويفيد طلب العمل الجماعي. علامة النصب الفتحة الظاهرة.

إعراب الفعل المضارع المنصوب

تختلف علامة نصب الفعل المضارع تبعًا لحالته:

* **إذا كان صحيح الآخر:** تُنصب بالفتحة الظاهرة.
* مثال: “أريدُ **أنْ أسافرَ**.” (أسافرَ: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).

* **إذا كان معتل الآخر بالواو أو الياء:** تُنصب بالفتحة الظاهرة.
* مثال: “عليك **أنْ تدعوَ** إلى الخير.” (تدعوَ: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).
* مثال: “يجب **أنْ ترميَ** النفايات في المكان المخصص.” (ترميَ: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).

* **إذا كان معتل الآخر بالألف:** تُنصب بالفتحة المقدرة.
* مثال: “لا يمكننا **أنْ ننسى** فضلَ الوالدين.” (ننسى: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر).

* **إذا كان من الأفعال الخمسة:** تُنصب بحذف النون.
* مثال: “يريدون **أنْ يذهبوا** إلى الرحلة.” (يذهبوا: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة).
* مثال: “لا بد **أنْ تذهبي** مبكرًا.” (تذهبي: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة).

أدوات أخرى للنصب

بالإضافة إلى الأدوات المذكورة، هناك أدوات أخرى تنصب الفعل المضارع، منها:

* **إذًا:** وهي حرف جواب وجزاء، تنصب الفعل المضارع إذا كانت في آخر الكلام وتُشبه “إذن” في المعنى.
* مثال: “سأزورك غدًا، **إذًا** سأراك.” (سأراك: فعل مضارع منصوب بإذًا وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).

* **لام العاقبة:** وهي لام مكسورة تُفيد معنى العاقبة، وتنصب الفعل المضارع.
* مثال: “سارَ الليلَ والنهارَ **ليتعبَ**.” (ليتعبَ: فعل مضارع منصوب بلام العاقبة وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة).

خاتمة

إن إتقان أدوات نصب الفعل المضارع وفهم دلالاتها الإعرابية هو مفتاح أساسي لفهم أعمق للنحو العربي، وللتعبير عن المعاني بدقة ووضوح. كل أداة من هذه الأدوات تحمل في طياتها دلالة خاصة تُثري النص وتُضفي عليه بُعدًا بلاغيًا.