ما هي دول شنغن

كتبت بواسطة نجلاء
نشرت بتاريخ : الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 10:33 مساءً

تُعد منطقة شنغن إحدى أبرز الإنجازات في مسيرة التكامل الأوروبي، فهي تمثل منطقة جغرافية واسعة تضم 27 دولة أوروبية ألغت جوازات السفر والرقابة الحدودية بين حدودها الداخلية. يتيح هذا الإلغاء لحوالي 400 مليون مواطن من هذه الدول، بالإضافة إلى ملايين الزوار الدوليين، حرية التنقل والتنقل عبر هذه المنطقة كما لو كانت بلداً واحداً. فما هي دول شنغن بالضبط؟ وما هي الآثار المترتبة على هذا الاتفاق؟

نشأة منطقة شنغن وأهدافها

تعود جذور منطقة شنغن إلى معاهدة تم توقيعها في 14 يونيو 1985 في بلدة شنغن الصغيرة الموجودة في لوكسمبورغ، وهي دولة عضو مؤسس في الاتحاد الأوروبي. لم تكن الاتفاقية في بدايتها سوى اتفاقية بين خمس دول فقط: بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، لوكسمبورغ، وهولندا. كان الهدف الأساسي هو تسهيل حرية التنقل وإلغاء نقاط التفتيش الحدودية الداخلية، مما يعزز الشعور بالوحدة والانفتاح بين هذه الدول.

التوسع التدريجي لمعاهدة شنغن

بعد النجاح المبدئي، بدأت دول أخرى في الانضمام تدريجياً إلى اتفاقية شنغن. تلاشت الحدود تدريجياً بين الدول المشاركة، وتم توحيد الضوابط على الحدود الخارجية للمنطقة، بالإضافة إلى سياسات التأشيرات والإجراءات الأمنية. أصبحت اتفاقية شنغن جزءاً من الإطار القانوني للاتحاد الأوروبي بموجب معاهدة أمستردام في عام 1999، مما أرسى أساساً قانونياً قوياً لها.

قائمة دول شنغن الحالية

تضم منطقة شنغن حاليًا 27 دولة، وهي تمثل كتلة كبيرة من القارة الأوروبية. يمكن تقسيم هذه الدول إلى مجموعتين رئيسيتين:

دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في شنغن

غالبية دول شنغن هي دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتخضع جميعها لقواعد شنغن بشكل كامل. وتشمل هذه الدول:

ألمانيا: مهد الاتفاقية، ولا تزال من أهم الدول في المنطقة.
فرنسا: دولة أخرى مؤسسة وشريك أساسي في منطقة شنغن.
إيطاليا: دولة ذات أهمية سياحية واقتصادية كبرى، منضمة إلى شنغن.
إسبانيا: وجهة سياحية رئيسية، وتشارك بالكامل في اتفاقية شنغن.
البرتغال: جزء لا يتجزأ من منطقة شنغن، وتتمتع بحدود مشتركة مفتوحة على إسبانيا.
اليونان: رغم موقعها الشرقي، فهي جزء لا يتجزأ من منطقة شنغن.
هولندا: دولة مؤسسة ولها دور محوري في المنظمة.
بلجيكا: الدولة المؤسسة الأخرى، مقر العديد من المؤسسات الأوروبية.
لوكسمبورغ: الدولة التي سميت المنطقة باسمها، وهي دولة مؤسسة.
النمسا: دولة تقع في وسط أوروبا، وهي جزء من شنغن.
السويد: من دول الشمال المنضمة إلى منطقة شنغن.
فنلندا: تشترك في حدود مع روسيا، وهي جزء من شنغن.
الدنمارك: دولة إسكندنافية أخرى، لها حدود مع ألمانيا.
بولندا: دولة كبيرة في شرق أوروبا، انضمت إلى شنغن مؤخراً نسبياً.
التشيك: دولة حبيسة في وسط أوروبا، وهي عضو في شنغن.
سلوفاكيا: دولة تشترك في حدود مع التشيك والمجر.
المجر: دولة مركزية مهمة في منطقة شنغن.
سلوفينيا: دولة صغيرة تقع على مفترق طرق تاريخي.
إستونيا: دولة بلقية، من الدول التي انضمت في الموجة الأخيرة.
لاتفيا: دولة بلقية أخرى، وتشارك في شنغن.
ليتوانيا: أكبر الدول البلقية، ولها حدود مع بولندا وروسيا.
مالطا: دولة جزرية في البحر الأبيض المتوسط، وهي جزء من شنغن.
ليختنشتاين: بالرغم من صغر حجمها، فهي دولة أوروبية صغيرة تتبع قواعد شنغن.

دول الاتحاد الأوروبي ليست أعضاء في شنغن

هناك بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لا تنطبق عليها قواعد شنغن بالكامل حتى الآن، ولم تلغِ جميع حدودها الداخلية أو تعمل بالكامل وفقًا لقواعد شنغن. وتشمل هذه الدول:

أيرلندا: لديها ترتيب خاص يمنعها من الانضمام الكامل إلى شنغن، وتحتفظ بحدودها الخاصة مع المملكة المتحدة.
قبرص: لم يتم تطبيق قواعد شنغن عليها بالكامل بعد، بسبب الانقسام التركي اليوناني في الجزيرة.

دول غير تابعة للاتحاد الأوروبي أعضاء في شنغن

توجد دول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي ولكنها انضمت إلى منطقة شنغن، وتعمل وفقًا لقواعدها. وذلك من خلال اتفاقيات خاصة تتيح لها المشاركة في حرية الحركة. وتشمل هذه الدول:

سويسرا: دولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي، ولكنها جزء أساسي من منطقة شنغن.
النرويج: ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولكنها جزء من منطقة شنغن.
آيسلندا: دولة جزرية لا تتبع الاتحاد الأوروبي، ولكنها عضو في منطقة شنغن.
ليختنشتاين: بالرغم من أنها قريبة جغرافياً من دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها مستقلة وتطبق قواعد شنغن.

كيف تعمل منطقة شنغن؟

يعتمد مفهوم منطقة شنغن بشكل أساسي على مبدأ إلغاء الرقابة على الحدود الداخلية، بينما يتم تعزيز الرقابة على الحدود الخارجية للمنطقة. وهذا يعني:

إلغاء الرقابة على الحدود الداخلية

يستطيع أي شخص، مواطنًا كان أو زائرًا، عبور الحدود بين دول شنغن دون المرور بإجراءات رقابة حدودية. لم تعد هناك نقاط تفتيش حدودية بين معظم هذه الدول، مما يسهل ويُسرع حركة الأفراد والبضائع.

توحيد سياسات التأشيرات

تتبع دول شنغن سياسة مشتركة بشأن التأشيرات. يجب على مواطني الدول التي تحتاج إلى تأشيرة لدخول منطقة شنغن الحصول على تأشيرة شنغن واحدة تسمح لهم بالدخول والإقامة في المنطقة بأكملها لمدة تصل إلى 90 يومًا خلال فترة 180 يومًا.

تعزيز التعاون الأمني

لتعويض إلغاء الرقابة الحدودية الداخلية، تعزز دول شنغن التعاون الأمني بينها. يشمل ذلك تبادل المعلومات حول الأشخاص والتهديدات الأمنية، وإنشاء قواعد بيانات مشتركة مثل نظام معلومات شنغن (SIS).

الرقابة على الحدود الخارجية

تطبق دول شنغن ضوابط حدودية موحدة وشاملة على حدودها الخارجية. يلزم الزوار القادمون من خارج المنطقة المرور عبر هذه الحدود، حيث يتم التحقق من وثائقهم والتأكد من استيفائهم لشروط الدخول.

مزايا وعيوب منطقة شنغن

تتمتع منطقة شنغن بالعديد من المزايا، ولكنها تواجه أيضًا بعض التحديات:

مزايا منطقة شنغن

حرية التنقل: تُعد الميزة الأبرز، فهي تسمح للمواطنين والزوار بالانتقال بحرية، مما يعزز السياحة والتبادل الثقافي.
النمو الاقتصادي: تسهيل حركة البضائع والأفراد يدعم التجارة والتنمية الاقتصادية داخل المنطقة.
جاذبية للسياح: يُشجع نظام التأشيرة الموحد والحدود المفتوحة على السياحة في أوروبا.
الشعور بالوحدة الأوروبية: تعكس المنطقة رغبة في التكامل والتعاون بين الدول الأوروبية.

عيوب وتحديات منطقة شنغن

الضغوط على الحدود الخارجية: تزداد الضغوط على الحدود الخارجية نتيجة لتدفق المهاجرين وطالبي اللجوء، مما يتطلب جهودًا كبيرة في السيطرة.
التحديات الأمنية: قد يستغل المجرمون والمخربون حرية التنقل للتنقل داخل المنطقة، مما يستدعي تعزيز التعاون الأمني.
التفاوتات الاقتصادية: قد تشعر الدول ذات الاقتصادات الأضعف بضغط أكبر نتيجة لتدفق المعلومات والعمل، مما يتطلب آليات دعم.
* الترويج للسياحة غير المنظمة: قد يؤدي سهولة الدخول إلى زيادة السياحة غير المنظمة في بعض المناطق، مما يضع ضغوطا على البنية التحتية.

مستقبل منطقة شنغن

تظل منطقة شنغن مشروعًا ديناميكيًا يتطور باستمرار. تواجه المنطقة تحديات مستمرة، خاصة فيما يتعلق بإدارة الهجرة والأمن. تعمل دول شنغن باستمرار على تحسين آليات التعاون وتطوير أنظمة مشتركة مثل بوابة الحدود (EES) ونظام المعلومات للسفر والتصاريح (ETIAS)، لضمان استمراريتها وفعاليتها في المستقبل.

في الختام، تمثل منطقة شنغن فكرة رائعة للتكامل الأوروبي، حيث توفر حرية حركة غير مسبوقة لمواطنيها والزوار. تضم حاليًا 27 دولة، تعمل معًا لضمان تجربة سفر سلسة وآمنة، مع الحفاظ على حدود خارجية موحدة وتعاون أمني قوي. ورغم التحديات، فإن منطقة شنغن تظل مثالاً ساطعاً على التعاون والشراكة بين الدول.

اترك التعليق