كيف نصلي الصلاة الاستخارة

كتبت بواسطة ياسر
نشرت بتاريخ : الخميس 6 نوفمبر 2025 - 11:23 صباحًا

الاستخارة: نور في دروب الحياة، ودليل في اتخاذ القرارات

في رحلة الحياة، غالبًا ما نواجه مفترقات طرق تتطلب منا اتخاذ قرارات قد تحمل في طياتها مصائر مختلفة. في خضم هذه التحديات، يمنحنا الدين الإسلامي كنزًا ثمينًا، هو صلاة الاستخارة، سلاحًا روحيًا ودليلاً ربانيًا يساعدنا على اختيار الطريق الأمثل، مستعينين بعلم الله وحكمته اللامتناهية. إنها ليست مجرد صلاة، بل هي استشارة مع الخالق، وتفويض للأمر إليه، وطلب للهداية إلى ما فيه الخير والصلاح.

ما هي صلاة الاستخارة؟

صلاة الاستخارة هي صلاة مشروعة في الإسلام، يدعو بها المسلم ربه سبحانه وتعالى عندما يريد القيام بأمر ما، ويتردد في اختياره، أو يخشى عواقبه. الهدف منها هو طلب التوفيق والإرشاد من الله، ليُبين له الخير في أحد الأمرين أو الاحتمالين، أو ليصرف عنه الشر. وقد وردت في فضلها أحاديث نبوية صحيحة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، وأقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به”.

متى تكون صلاة الاستخارة؟

تُشرع صلاة الاستخارة في الأمور التي لا يعلم المسلم وجه الصواب فيها، والتي يباح فيها الشرع، ولا تكون في الأمور الواجبة التي يجب فعلها، ولا في الأمور المحرمة التي يجب تركها. فهي تأتي في سياق الأمور المباحة التي فيها الاختيار، مثل:

* **اختيار شريك الحياة:** عند التقدم لخطبة فتاة أو التقدم لخطبتك.
* **اختيار العمل أو الوظيفة:** عند وجود فرصتي عمل متقاربتين أو عند التفكير في تغيير مسار مهني.
* **الاستثمار أو المشاريع:** عند التفكير في مشروع تجاري أو استثماري جديد.
* **السفر أو الإقامة:** عند التفكير في السفر لبلد معين أو الاستقرار في مدينة ما.
* **الدراسة أو التخصص:** عند اختيار مجال الدراسة أو التخصص الجامعي.

كيف نصلي صلاة الاستخارة؟ (الخطوات العملية)

صلاة الاستخارة ليست معقدة، بل هي يسيرة وميسرة، وتتم على النحو التالي:

1. النية الصادقة:

قبل كل شيء، يجب أن تكون لديك النية الصادقة في طلب الهداية من الله. استحضر في قلبك أنك تريد اختيار ما فيه الخير لك في دينك ودنياك وعاقبة أمرك.

2. الوضوء والطهارة:

كما هو الحال في سائر الصلوات، يجب أن تتوضأ وتكون على طهارة تامة.

3. صلاة ركعتين:

تصلي الاستخارة ركعتين، لا يشترط فيهما قراءة سور معينة، ولكن يُفضل أن تقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة “قل يا أيها الكافرون”، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة “قل هو الله أحد”. هذا مستحب وليس واجبًا.

4. الدعاء بالدعاء المأثور:

بعد الانتهاء من صلاة الركعتين، ترفع يديك وتدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: “اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، وأقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به”.

5. تسمية الحاجة:

عند قول “هذا الأمر”، يجب أن تنوي بقلبك وتذكر اسم الأمر الذي تستخير الله فيه. فإذا كنت تستخير في الزواج من شخص معين، تقول: “اللهم إني أستخيرك لزواجي من فلانة/فلان…”. وإذا كنت تستخير في وظيفة معينة، تقول: “اللهم إني أستخيرك لعملي في شركة كذا…”.

6. التكرار والمتابعة:

إذا لم يتضح لك الأمر بعد المرة الأولى، يمكنك تكرار صلاة الاستخارة عدة مرات.

علامات الاستخارة: ماذا بعد الدعاء؟

لا يوجد علامة محددة أو رؤية معينة تظهر بعد صلاة الاستخارة. قد تتجلى علامات الاستخارة في عدة صور:

* **الراحة النفسية والانشراح:** قد تشعر براحة نفسية وانشراح في صدرك نحو أحد الأمرين.
* **التردد أو الانقباض:** قد تشعر بالتردد أو الانقباض نحو الأمر الآخر.
* **اليُسر في التحقق:** قد تجد الأمور تسير بيسر نحو أحد الخيارين، وتتيسر أسبابه.
* **الرؤيا المنامية (ليست شرطًا):** قد ترى رؤيا في المنام تدل على الخير أو الشر، ولكنها ليست شرطًا أساسيًا، فليست كل الرؤى حقًا، وليست الاستخارة معتمدة عليها فقط.
* **الشعور باليقين:** قد يصل الأمر إلى مرحلة تشعر فيها باليقين في قلبك نحو أحد الخيارين، وتطمئن له.

الأهم هو أن تترك الأمر لله، وتثق في تدبيره، وتتوكل عليه. إذا استخرت الله ولم يظهر لك شيء، أو شعرت بالحيرة، فلا تيأس. استمر في الدعاء والتوكل، وخذ بالأسباب.

أهمية الاستخارة في حياة المسلم

صلاة الاستخارة ليست مجرد عبادة، بل هي منهج حياة. إنها تعزز الثقة بالله، وتُعلم المسلم الاعتماد عليه، وتُبعده عن التفكير المفرط والقلق. عندما تستخير الله، فأنت تقول له: “يا رب، أنا عبدك الضعيف، لا أملك علمًا ولا قدرة، أنت تعلم وأنا لا أعلم، أنت تقدر وأنا لا أقدر، فدُلني على ما فيه الخير لي”. هذه الاستشارة الربانية تمنح القلب طمأنينة، وتُعين على اتخاذ القرارات الصائبة، وتُجنب المسلم الوقوع في الندم بسبب اختيارات خاطئة. إنها نور يُضيء دروب الحياة، ويُعين على السير نحو مرضاة الله وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.

الأكثر بحث حول "كيف نصلي الصلاة الاستخارة"

اترك التعليق