جدول المحتويات
أنواع الصخور: رحلة في عالم التكوين والتصنيف
تُعد الصخور اللبنات الأساسية لكوكبنا، فهي تشكل القشرة الأرضية، وتُزين جبالها الشاهقة، وتُخفي في أعماقها أسراراً جيولوجية عمرها مليارات السنين. إن فهم أنواع الصخور المختلفة وكيفية تكونها ليس مجرد مسألة أكاديمية، بل هو نافذة نطل منها على تاريخ الأرض، وديناميكياتها المستمرة، والموارد الطبيعية التي نعتمد عليها. تتنوع الصخور تنوعاً هائلاً في تركيبها، وخصائصها، وطرق تشكلها، مما يفرض تصنيفها إلى مجموعات رئيسية تُسهل دراستها وفهمها.
التصنيف الرئيسي للصخور: نظرة عامة
تُقسم الصخور بشكل أساسي إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على أصلها وطريقة تكوينها: الصخور النارية، والصخور الرسوبية، والصخور المتحولة. كل نوع من هذه الأنواع له دورة حياة خاصة به، ويتأثر بعوامل جيولوجية مختلفة، مما يؤدي إلى ظهور تشكيلات متنوعة وفريدة.
1. الصخور النارية: ولادة من رحم الحمم
تُعتبر الصخور النارية أقدم أنواع الصخور على وجه الأرض، وتتشكل نتيجة لتبريد وانسياب الصهارة (الماجما) أو الحمم البركانية (اللافا). عندما تبرد الصهارة ببطء تحت سطح الأرض، تتكون صخور نارية جوفية تتميز بحبيبات بلورية كبيرة وواضحة، مثل الجرانيت. أما عندما تندفع الصهارة إلى السطح على شكل حمم بركانية، فإنها تبرد بسرعة، مما يؤدي إلى تكون صخور نارية سطحية تتميز بحبيبات بلورية دقيقة أو حتى زجاجية، مثل البازلت.
أنواع الصخور النارية الفرعية:
* **الصخور النارية الجوفية (Intrusive Igneous Rocks):** تتكون هذه الصخور عندما تبرد الصهارة ببطء شديد داخل القشرة الأرضية. هذا التبريد البطيء يمنح البلورات وقتاً كافياً للنمو، مما ينتج عنه صخور ذات حبيبات خشنة واضحة. من الأمثلة الشهيرة عليها:
* **الجرانيت:** يتميز بلونه الفاتح (غالباً وردي أو رمادي) ووجود بلورات واضحة من الكوارتز والفلسبار والميكا. يُستخدم على نطاق واسع في البناء والتشييد.
* **الديوريت:** صخر متوسط التركيب بين الجرانيت والجابرو.
* **الجابرو:** صخر داكن اللون ذو حبيبات خشنة، وهو نظير جوفي للبازلت.
* **الصخور النارية السطحية (Extrusive Igneous Rocks):** تتكون عندما تبرد الحمم البركانية المنبثقة من البراكين بسرعة على سطح الأرض. يؤدي هذا التبريد السريع إلى تكون حبيبات بلورية صغيرة جداً أو حتى إلى عدم تكون بلورات على الإطلاق، مما يعطي الصخر ملمساً ناعماً أو زجاجياً. من الأمثلة الشائعة:
* **البازلت:** صخر داكن اللون (أسود أو رمادي داكن) وذو حبيبات دقيقة. يشكل غالبية قاع المحيطات والأراضي البركانية.
* **الريوليت:** صخر فاتح اللون، وهو نظير سطحي للجرانيت.
* **الأوبسيديان (حجر السج):** صخر زجاجي بركاني يتكون من تبريد سريع جداً للحمم.
* **الخفاف (Pumice):** صخر خفيف الوزن ذو مسامات كثيرة نتيجة احتباس الغازات أثناء التبريد، مما يجعله طافياً على الماء.
2. الصخور الرسوبية: روايات الماضي المكتوبة بالرواسب
تتشكل الصخور الرسوبية من تراكم وتماسك وتصلب الرواسب، وهي عبارة عن فتات صخري، أو مواد عضوية، أو مواد كيميائية مترسبة على سطح الأرض أو في قيعان المسطحات المائية. تمر عملية تكون هذه الصخور بمراحل عدة تبدأ بالتجوية (تفتت الصخور الأصلية) والتعرية (نقل الفتات) ثم الترسيب، وأخيراً التصلب والتحجر (عمليات تلاحم الرواسب). تُعد الصخور الرسوبية مخزناً ثميناً للمعلومات حول الظروف البيئية والمناخية التي سادت في الماضي، كما أنها غالباً ما تحتوي على الوقود الأحفوري.
أنواع الصخور الرسوبية الفرعية:
* **الصخور الرسوبية الفتاتية (Clastic Sedimentary Rocks):** تتكون من فتات صخري تم نقله وترسيبه. تُصنف هذه الصخور بناءً على حجم الحبيبات المكونة لها.
* **الكونجلوميرات وبريشيا:** تتكون من حبيبات كبيرة (حصى). الكونجلوميرات تكون حبيباتها مستديرة، بينما البريشيا تكون حبيباتها زاوية.
* **الحجر الرملي:** يتكون من حبيبات الرمل المتماسكة، ويتنوع لونه وتركيبه حسب مصدر الرمل.
* **السلتستون (الحجر الطيني):** يتكون من حبيبات أدق من الرمل، وأكبر من حبيبات الطين.
* **الطفل (Shale):** يتكون من حبيبات دقيقة جداً من الطين، وهو صخر لين ويتشقق بسهولة.
* **الصخور الرسوبية الكيميائية (Chemical Sedimentary Rocks):** تتكون عندما تتبلور المعادن الذائبة في الماء، غالباً بعد تبخر المياه.
* **الحجر الجيري:** يتكون أساساً من معدن الكالسيت، وقد يتكون من بقايا كائنات بحرية.
* **الملح الصخري (الهاليت):** يتكون من كلوريد الصوديوم، ويتشكل غالباً في المناطق التي جفت فيها البحيرات المالحة.
* **جبس:** يتكون من كبريتات الكالسيوم المائية، ويتشكل بنفس طريقة الملح الصخري.
* **الصخور الرسوبية العضوية (Organic Sedimentary Rocks):** تتكون من تراكم بقايا الكائنات الحية.
* **الفحم:** يتكون من بقايا نباتات متحللة في بيئات خالية من الأكسجين.
* **الحجر الجيري العضوي:** قد يتكون من تراكم هياكل الكائنات البحرية مثل الشعاب المرجانية.
3. الصخور المتحولة: تحولات عميقة بفعل الحرارة والضغط
تتشكل الصخور المتحولة عندما تتعرض الصخور الأصلية (سواء كانت نارية، رسوبية، أو حتى متحولة أخرى) للحرارة الشديدة والضغط العالي، أو لكليهما، دون أن تصل إلى درجة الانصهار الكامل. تؤدي هذه الظروف القاسية إلى إعادة بلورة المعادن الموجودة، وتكوين معادن جديدة، وتغير في نسيج الصخر الأصلي، مما ينتج عنه صخور ذات خصائص مختلفة تماماً.
أنواع الصخور المتحولة الفرعية:
* **الصخور المتحولة المورقة (Foliated Metamorphic Rocks):** تتميز بوجود تراكيب متوازية أو صفائحية ناتجة عن إعادة ترتيب المعادن تحت الضغط.
* **السجيل (Slate):** يتكون من تحول الطفل، ويتميز بانقسامه إلى صفائح رقيقة جداً.
* **الشيست (Schist):** صخر ذو تراكيب صفائحية واضحة، وغالباً ما يحتوي على معادن لامعة مثل الميكا.
* **النيس (Gneiss):** صخر ذو تراكيب متموجة أو مخططة، ويحتوي على معادن كبيرة واضحة.
* **الصخور المتحولة غير المورقة (Non-foliated Metamorphic Rocks):** لا تظهر فيها تراكيب صفائحية واضحة، وتتكون عادة من نوع واحد سائد من المعادن.
* **الرخام:** يتكون من تحول الحجر الجيري، ويتميز بنعومته وتنوع ألوانه.
* **الكوارتزيت:** يتكون من تحول الحجر الرملي، وهو صخر شديد الصلابة.
دورة الصخور: تحول مستمر
لا تقف الصخور عند نوع واحد، بل تخضع لدورة مستمرة تُعرف بـ “دورة الصخور”. يمكن لأي نوع من الصخور أن يتحول إلى أي نوع آخر من خلال عمليات جيولوجية مختلفة. فالصخور النارية يمكن أن تتجوّى وتتحول إلى رواسب، ومن ثم إلى صخور رسوبية. هذه الصخور الرسوبية يمكن أن تتعرض للحرارة والضغط لتتحول إلى صخور متحولة. كما يمكن للصخور المتحولة والصخور الرسوبية أن تنصهر لتكون صهارة، والتي بدورها تتبرد لتشكل صخوراً نارية جديدة. هذه الدورة الأبدية هي شهادة على الطبيعة الديناميكية لكوكبنا.
