أسباب زغللة العين والدوخة

كتبت بواسطة احمد
نشرت بتاريخ : الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 10:06 مساءً

تُعد زغللة العين والدوخة من الأعراض الشائعة التي يمكن أن تؤثر على نوعية حياة الفرد، وتثير القلق لديه. قد تتراوح حدة هذه الأعراض من مجرد إزعاج بسيط إلى مؤشرات لمشاكل صحية أكثر خطورة. إن فهم الأسباب الكامنة وراء زغللة العين والدوخة هو الخطوة الأولى نحو التشخيص الصحيح والعلاج المناسب. تتداخل هذه الأعراض في كثير من الأحيان، مما يعني أن سببًا واحدًا قد يؤدي إلى كليهما، أو أن وجود أحدهما قد يساهم في ظهور الآخر. تتطلب معرفة هذه الأسباب استعراضًا شاملاً لحالة الجسم والبيئة المحيطة بالشخص، بالإضافة إلى تاريخه المرضي.

الأسباب الشائعة لزغللة العين والدوخة

تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى الشعور بزغللة في العينين وحدوث الدوخة، وتشمل هذه العوامل مجموعة واسعة من الحالات الطبية، واضطرابات نمط الحياة، وحتى التغيرات البيئية. يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى فئات رئيسية لتسهيل فهمها وتحديدها.

اضطرابات الرؤية ومشاكل العين

تُعد مشاكل العين ذات الصلة المباشرة بزغللة العين، وغالبًا ما تكون مصحوبة بشعور بالدوار أو عدم التوازن.

مشاكل الانكسار وتصحيح النظر

قصر النظر، طول النظر، والاستجماتيزم: عندما لا تنكسر أشعة الضوء بشكل صحيح على شبكية العين، فإن الصورة الناتجة تكون ضبابية أو مشوهة، مما يسبب زغللة. هذا الإجهاد البصري يمكن أن يؤدي إلى الصداع والشعور بالدوار، خاصة مع المجهود البصري المطول.
عدم ملاءمة النظارات أو العدسات اللاصقة: استخدام نظارات أو عدسات لاصقة بوصفة طبية خاطئة، أو التي لم يتم تحديثها مؤخرًا، يمكن أن يتسبب في إجهاد العين وزغللة، وقد يترافق ذلك مع الشعور بعدم التوازن.
إجهاد العين الرقمي: قضاء وقت طويل أمام الشاشات الرقمية (الحواسيب، الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية) دون أخذ فترات راحة كافية يؤدي إلى إجهاد عضلات العين، جفافها، وصعوبة التركيز، مما ينتج عنه زغللة، وقد يسبب أيضًا دوخة نتيجة لعدم التركيز البصري.

أمراض العين المزمنة

جفاف العين: قلة إنتاج الدموع أو تبخرها السريع يؤدي إلى تهيج سطح العين، مما يتسبب في زغللة، حكة، وشعور بالحرقة. الجفاف الشديد قد يؤثر على وضوح الرؤية ويسبب إزعاجًا ينتقل ليشمل شعورًا بالدوار.
التهاب القرنية أو الملتحمة: العدوى أو الالتهاب في هذه الأجزاء من العين يسبب احمرارًا، ألمًا، وزغللة. الشعور العام بالمرض قد يترافق مع دوخة.
المياه الزرقاء (الجلوكوما): في بعض أنواع الجلوكوما، خاصة ذات الزاوية المغلقة، يمكن أن يحدث ارتفاع مفاجئ في ضغط العين، مما يؤدي إلى ألم شديد في العين، زغللة، هالات حول الأضواء، والغثيان والدوخة. هذه حالة طبية طارئة تتطلب عناية فورية.
اعتلال الشبكية السكري: تلف الأوعية الدموية في شبكية العين بسبب مرض السكري يمكن أن يسبب تغيرات في الرؤية، بما في ذلك الزغللة، البقع العائمة (floaters)، وتغيرات مفاجئة في حدة الإبصار، والتي قد تصاحبها دوخة.

مشاكل الأذن الداخلية والتوازن

تُعد الأذن الداخلية مركز التوازن في الجسم، وأي خلل فيها يمكن أن يؤدي مباشرة إلى الشعور بالدوخة وزغللة العين.

اضطرابات الجهاز الدهليزي

التهاب الأذن الداخلية (التهاب التيه): عدوى فيروسية أو بكتيرية تصيب الأذن الداخلية يمكن أن تسبب دوخة شديدة، دوار، فقدان توازن، غثيان، طنين في الأذن، وأحيانًا زغللة في العين نتيجة للإحساس الشديد بالدوار.
دوار الوضعة الانتيابي الحمامى (BPPV): حالة شائعة تتميز بنوبات قصيرة من الدوخة الشديدة عند تغيير وضعية الرأس. سببها تحرك بلورات كلسية صغيرة في قنوات الأذن الداخلية. الشعور بالدوار هنا يكون حادًا ومرتبطًا بالحركة، ويمكن أن يسبب رؤية مشوشة أو زغللة مؤقتة.
داء منيير: اضطراب يصيب الأذن الداخلية يتميز بنوبات من الدوار الشديد، طنين في الأذن، فقدان سمع متقلب، وشعور بالامتلاء في الأذن. هذه الأعراض قد تؤثر على القدرة على الرؤية بوضوح أثناء النوبة.

مشاكل أخرى في الأذن

تراكم شمع الأذن: انسداد قناة الأذن بالشمع يمكن أن يؤثر على السمع ويسبب شعورًا بالثقل، وأحيانًا دوخة خفيفة قد تترافق مع إزعاج بصري.

مشاكل الدورة الدموية والقلب

تؤثر قدرة الجسم على ضخ الدم بكفاءة على جميع الأعضاء، بما في ذلك الدماغ والعينين.

انخفاض ضغط الدم

هبوط ضغط الدم الانتصابي: انخفاض مفاجئ في ضغط الدم عند الوقوف بسرعة. يمكن أن يسبب شعورًا بالدوار، زغللة، وحتى الإغماء.
الجفاف أو قلة السوائل: يمكن أن يؤدي نقص حجم الدم إلى انخفاض ضغط الدم، وبالتالي الشعور بالدوخة وزغللة العين.

مشاكل القلب

عدم انتظام ضربات القلب (اضطراب النظم): بعض أنواع اضطرابات النظم يمكن أن تقلل من كمية الدم التي يضخها القلب، مما يؤدي إلى نقص الأكسجين الواصل للدماغ، وهذا قد يتسبب في دوخة، زغللة، وبقع أمام العين.
أمراض القلب الأخرى: حالات مثل قصور القلب أو مشاكل الصمامات يمكن أن تؤثر على تدفق الدم وتسبب أعراضًا مشابهة.

عوامل متعلقة بنمط الحياة والصحة العامة

تؤثر عاداتنا اليومية وحالتنا الصحية العامة بشكل كبير على الشعور بالراحة الجسدية.

التوتر والقلق

نوبات الهلع: يمكن أن يسبب القلق الشديد ونوبات الهلع أعراضًا جسدية قوية مثل تسارع ضربات القلب، ضيق التنفس، الدوخة، والشعور بزغللة في العين، نتيجة لزيادة إفراز الأدرينالين واضطراب وظائف الجسم.

التعب والإرهاق

قلة النوم: الحرمان من النوم يؤثر سلبًا على التركيز، ويسبب إجهادًا عامًا، وزغللة في العين، وشعورًا بالثقل أو الدوخة.

سوء التغذية والجفاف

نقص السكر في الدم (Hypoglycemia): انخفاض مستوى السكر في الدم، خاصة لدى مرضى السكري أو نتيجة لتخطي الوجبات، يمكن أن يسبب أعراضًا مثل الدوخة، الزغللة، الارتجاف، والتعرق.
نقص الفيتامينات والمعادن: نقص بعض الفيتامينات الضرورية للرؤية ووظائف الأعصاب، مثل فيتامين ب 12 أو الحديد (مما يسبب فقر الدم)، يمكن أن يؤدي إلى زغللة ودوار.

الآثار الجانبية للأدوية

أدوية معينة: تشمل قائمة الأدوية التي قد تسبب زغللة أو دوخة بعض أدوية ضغط الدم، مضادات الهيستامين، المهدئات، وبعض المضادات الحيوية.

أمراض وحالات طبية أخرى

توجه هذه الفئة إلى مشاكل صحية قد لا تكون مرتبطة بشكل مباشر بالعين أو الأذن، لكنها تؤثر على وظائف الجسم ككل.

مشاكل عصبية

الصداع النصفي (الشقيقة): بعض أنواع الصداع النصفي، خاصة تلك المقترنة بالأورة (aura)، يمكن أن تبدأ بأعراض بصرية مثل الزغللة، البقع الضوئية، والخطوط المتعرجة، تتبعها نوبة الصداع، وقد يصاحبها شعور بالدوار.
السكتة الدماغية أو النوبة الإقفارية العابرة (TIA): على الرغم من ندرتها كسبب وحيد لهذه الأعراض، إلا أن الزغللة المفاجئة والشديدة، خاصة إذا كانت مصحوبة بصعوبة في الكلام، ضعف في جانب واحد من الجسم، صعوبة في الرؤية، أو دوخة، قد تكون علامة على مشكلة خطيرة تتطلب تدخلًا طبيًا عاجلاً.

اضطرابات الغدد الصماء

مشاكل الغدة الدرقية: فرط نشاط الغدة الدرقية يمكن أن يسبب تسارع ضربات القلب، القلق، ورجفة، وقد يؤثر على العينين (مثل جحوظ العين) ويسبب زغللة. خمول الغدة الدرقية قد يسبب أيضًا تغيرات في الرؤية.
مرض السكري: كما ذكرنا سابقًا، يمكن أن يؤثر السكري على شبكية العين والأوعية الدموية، مسببًا زغللة. كما أن التقلبات في مستويات السكر في الدم يمكن أن تسبب دوخة.

أورام الدماغ

أورام الدماغ: في حالات نادرة، قد تسبب الأورام في مناطق معينة من الدماغ، وخاصة تلك التي تؤثر على المسارات البصرية أو مراكز التوازن، أعراضًا مثل زغللة العين، ازدواج الرؤية، أو دوخة مستمرة.

متى يجب استشارة الطبيب؟

على الرغم من أن زغللة العين والدوخة قد تكون عرضًا مؤقتًا وغير مقلق في كثير من الأحيان، إلا أن هناك بعض العلامات التي تستدعي استشارة طبية فورية:

شدة وفجأة ظهور الأعراض: إذا ظهرت الأعراض بشكل مفاجئ وشديد، خاصة إذا كانت مصحوبة بآلام في الصدر، صعوبة في التنفس، أو تنمل في الأطراف.
الأعراض العصبية المصاحبة: مثل ضعف مفاجئ في أحد جانبي الجسم، صعوبة في الكلام أو الفهم، فقدان الرؤية المفاجئ، أو تغير في الوعي.
التكرار والتفاقم: إذا تكررت النوبات، أو ازدادت حدتها، أو بدأت تؤثر بشكل كبير على أنشطتك اليومية.
الأعراض المصاحبة لارتفاع ضغط العين: مثل الاحمرار الشديد، الألم الحاد في العين، الغثيان، والتقيؤ (خاصة في حالة الشك في الجلوكوما).
وجود تاريخ مرضي: خاصة إذا كان لديك تاريخ لأمراض القلب، السكري، أمراض الأذن، أو اضطرابات عصبية.

التشخيص والعلاج

يعتمد تشخيص سبب زغللة العين والدوخة على تقييم دقيق للأعراض، التاريخ الطبي للمريض، والفحص البدني. قد تشمل الفحوصات:

فحص العين الشامل: بما في ذلك قياس حدة الإبصار، فحص قاع العين، وقياس ضغط العين.
فحص الأذن: لتقييم وظائف التوازن والسمع.
قياس ضغط الدم: خاصة عند الوقوف والجلوس.
تحاليل الدم: للتحقق من مستويات السكر، الحديد، وفيتامين ب 12، وتقييم وظائف الغدة الدرقية.
اختبارات التوازن: مثل اختبار كالوريك إذا لزم الأمر.
التصوير: مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو الأشعة المقطعية (CT scan) للدماغ، إذا اشتبه في سبب عصبي.

يعتمد العلاج بشكل كامل على السبب الكامن وراء الأعراض. قد يشمل:

تصحيح مشاكل الرؤية: بالنظارات، العدسات اللاصقة، أو الجراحة.
علاج التهابات العين أو الأذن.
أدوية لتنظيم ضغط الدم، أو علاج اضطرابات نظم القلب.
أدوية لعلاج الدوار واضطرابات التوازن.
تعديلات نمط الحياة: مثل شرب كميات كافية من السوائل، الحصول على قسط كافٍ من النوم، إدارة التوتر، واتباع نظام غذائي صحي.
علاج المشاكل الأساسية: مثل السكري أو أمراض الغدة الدرقية.
* العلاج الطبيعي: في بعض حالات اضطرابات التوازن.

في الختام، تُعد زغللة العين والدوخة ظاهرتين تتطلبان انتباهًا، وفهم أسبابهما المتعددة هو مفتاح الوصول إلى الراحة والشفاء. إن إهمال هذه الأعراض، خصوصًا عند ظهورها فجأة أو مع مصاحبة أعراض مقلقة أخرى، قد يؤخر تشخيص وعلاج حالات صحية قد تكون خطيرة. لذا، فإن استشارة الطبيب المختص وعدم التردد في استيضاح أي مخاوف صحية تظل الخطوة الأمثل للحفاظ على صحة وسلامة العينين والجسم ككل.

اترك التعليق